بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 17 أغسطس 2021

على هامش الاهتمام

 موضوع عودة طالبان قد يثبت على جانب هيجان الأحداث في عُمان أنَّ انشغال الرأي العام ليس بالضرورة عملية إلهاء ممنهجة [ولا أنفي وجود من يحاول ذلك بلا فائدة!] . ثمَّة تعطش شديد للمنابر الشعبية والجماعية، وحالة جذب هائلة لرفع مستوى هذا الجدال إلى مقامه الحر والمُستحق من قبل كل الأطراف.

صراع الآراء في عُمان اتسعت ساحتُه، وتبلورت اتجاهاتُه، والتمايز والتباين وصراعات الانتماء، والجدال، والتحزّب البديهي والمنطقي أصبح حقيقة واضحة، وفي ظل هذه الظروف الغامضة حماقات مثل [توحيد الرأي العام] أو توجيهه مجرد تضييع وقت وجهد، والضغط من أجل ذلك سيفرز أزمات متتالية.
الموقف الرسمي أصبح حاله حال باقي المواقف الفردية، أو تلك التي تمارسها مواقف الانتماءات الجماعية. هياج المشاعر العامّة، وتسرب صوت الغضب، والقنوط، والارتياب تجاه الحالة العُمانية العامَّة يقابله تعطّش كبير للتعبير عن الآراء، وكذلك للتحزب من أجلها. وهذا ما يحدث منذ شهور في عمان.
وعادة لا يؤدي ذلك إلى أزمة، نعم قد تحدث مناوشات وصراع أعشاش دبابير، لكنها ليست أزمات متى تحدث الأزمة؟ إن حاول أحدهم أن يلوي عنق كل هذا التدافع الحر ليعيد توجيهه إلى جهة واحدة وخطاب واحد جامد ورتيب. هذا مستحيل الحدوث في ظروف معيشية مثل التي تحدث الآن في عمان.
ظروف المعيش في عمان لا تتجه للرخاء بعد، والركود الاقتصادي وغيره من منغصات الحالية لم تعد تتوافق مع النظريات البائدة للمؤسسات الإعلامية والثقافية. الركود الثقافي مستمر، والغياب الإعلامي عن الواقعية مستمر، والغيوم المبرقة والمرعدة تواصل التكون في الإنترنت مرتاحة من شر الرقباء.
تغير حجم الموجة أما من حيث حدوثها فقد حدث ذلك من قبل، ولم تكن ظروف التعبير وقتَها ميسرة أو سهلة كما هي الآن. الأفراد، والوعي الاجتماعي في حالة ارتقاء وسمو كبيرين، أما المؤسسات فغارقة في خطاباتها الميّتة وفلسفة الرقيب الشخصية، والتوجس من الأشباح وصناعة الزخرف والزينة!
لذلك، إن لم يكن موضوع طالبان فهي قضية محلية، وإن لم تكن قضية محلية فهي أخرى دولية، وعندما تركد دوامات الأحداث نعود للسجال الأزلي بين أعشاش الدبابير، شد وجذب، الإعلام نائم ويأتي بعد الإنترنت، والرقيب يبتكر المزيد من العوائق لقمع الإعلام الاجتماعي. مأساة!
واقعان مختلفان كليا، هذا الذي يُطرح بصورة شحيحة في وسائل الإعلام المؤسسية، وذلك الذي بناؤه الأفراد وتفاعلهم. حتى مصادر المعلومة أصبحت من حوض الجهد الجماعي وما ينزفه من وديان معلوماتية تعبر عُمان من أقصاها إلى أقصاها! الوضع مُتفاعل وديناميكي ولا ساكن واستاتيكي سوى المؤسسات!