وهل تعلم ما هو المربك حقا؟
أن تنشغل عن تساؤلاتك بصدق نواياك، بالتساؤل عن صدق نوايا الآخرين مع ذاتِهم؟
ماذا عن كل الأسئلة التي تركتها وقفزتَ تحفر الأسئلة عن قلوب الآخرين ونواياهم؟ الغامضة عنك، وعنهم ربما؟
أحيانا، حزازةٌ من غريب تكفيك لتفهم، أن هذا العالم ليس جنةً الله في الأرض!
ولعلها هذه هي القوة المُغرية للمتسائل الخفي،لعبة الرجم الغاشم بالظن، تلاعبٌ آخر يبدو بريئا ولكنه ليس كذلك. لعلك انشغلتَ عن كل ما تهربُ منه لتجعل من الآخرِ كراسة رسم، وأنبوبة اختبار.
صراع الذاتي مع الذاتي، وصدام النرجسيات، بلا ضجيج، ولا صراع ديكة، ولا براءة أو خبث.
حزازة لا أكثر
وهُنا لعبة المُتسائل الخفي،المَرَضية منطقاً، والمُرضية ذاتيا. الوتر المُناسب، في الوقت المناسب، في اللحظة المناسبة. حزازةٌ إن لم تشتعل فهي تشتغلُ على التجريب في الأوتار، كالعازف الذي يبحث عن أغنيةِ الحقيقة بالسماع، بلا قانون، لا شيء سوى هيكل النغمة الأولى، والباقي تجريب في تجريب.
وترفضُ الاعتراف بمشاكلك،لأن الأمر مركّب. فأنت حلّال مشاكل، وكاشف غوامض، وقارئ كوامن، وسابر قلوب. ما أصعبَ أن تلعب بعقلك هذه اللعبة الواضحة، وأن تكون متسائلا، وخفيا، فالذكاء سهل ما دامَ يلف ويدور حول الوتر الواضح المكشوف، الذي تركه صاحبه مشاعاً، لأجل الناصح الجلي، لا الشاطح الخفي.
وتشطحُ، في لعبة الفرد والناس، والناس والفرد، في سؤال الحياةِ والصدق، والصدق والحياة، وهي كلها سرديات سهلة التصديق في كراسة التجريب. ما هو دورها؟
ليست أكثر من لحظة، حزازةٌ من نبل صاحبها لم تتحول إلى غل، وسؤال من صدق صاحبه لم يتحول إلى نتيجة. وتجربة أخرى، لا تعرف نتائجها.
وما سبب ذلك؟ الإجابات كثيرة، لكنك تُعقلن فعلَك، تُمنطِقه قدر استطاعتك، تُبرز مزاياه، وتخفي رزاياه بحجج التفكير والتأمل. تعلمُ أنك شخصي، وأن ما يحفر في قلبك أبعد من الأفكار، وقد تعلمُ أنَّك لا تفعل هذا للمرة الأولى، ولديك أعذارك، لكنك تصر على تجربة تثبت نتائجك، لا العكس.
وتعلم أن ما تفعله ليس سيئا، ولا ضارا، ولا مؤذيا، ولكن نداءً ما خفيا يدفعك للتجريب أكثر، فتراشق الإشارات لعبة قديمة، وشائعة، وقد اخترت طريقها السهل الخالي من العواقب، أنت شخصٌ عندما تختفي، وخفي عندما تصبح شخصا، ولعل هذا يؤرقك كثيرا، ويدفعك للهرب بمبضع الجراح إلى القلوب المكشوفة.
وهُناك دائما سبب، وحجة، وعلّة، ومجادلة. العدسة لها عين تنظر خلالها، والعين لا وجهَ يحمل سؤالها. مثل هذا السجع، الجميل، الموغل في الصدامية، لكنه أيضا يبدو لطيفا، ولا يخلو من كونه تأمل مضاد، لتأمل مضاد، لهروب مشترك من عدو متشابه انقسم بين طرفين يعرفان قيمة الهرب الجلي والخفي.
وأين ينتصر الدافع؟ مع ردة الفعل، وهي الغباء الذي يمارسُه العقل القلق، المتوفز، الجاهز للفتك بنفسه، حتى يجد عذرا لينطلق في صناعة عدو، أو في مجابهة خصم، أو مجادلةِ كظيم.
من هذا الذي سينجو من الحزازات!
هذا الذي لا قلب له، أو لا عقل له.
وتختمُ لوحة الشطرنج صدامها، في كل الاحتمالات المُلقاة جُزافا. فلا أرضا قطعت، ولا ظهرا أبقت. لطخة عصا انطلقت من باب [لعل، وعسى].
للفضول نبل من نوع خاص، عندما يفقد كل حساسياته الإنسانية، ويبحث عن إجابة.
لا تسلم العقول من شطحات المشاعر، ولكن هل تسلم المشاعر من شطحات العقول؟