ما أعرف موه أقول عن الشخص اللي يطمس الواقع كأنه مصاب بالذعر من الاعتراف به! الحفلات! في كل مكان، وفي الشواطئ، وفي الوديان، وكل شخص يعيش في المجتمع يعلم ذلك. في تويتر؟ كأنه واقع آخر!
عُمان! المسكوت الكبير عنه!
استقطاب تعويضي، القضية هي المعيشة، والمنطوق عنه هو شكل هذه المعيشة!
قضية عُمان الأولى ليس سلوك المجتمع، والكل يعلم ذلك، القضية هي الذعر أن يتأثر نمط المعيشة، القضية الأولى هي الرخاء المعيشي، والخوف من التسريح، ومن تناقص فرص العمل. القضية الأولى هي عدد السكان الذي يزيد، وانتظار نتائج الإصلاحات الاقتصادية. القضية هي المعيشة! لا السلوك!
والكل يعرف ذلك، ويعلم لماذا هذا الحديث صعب، من عساه أن يجازف بالكتابة عن الشؤون العامة في عمان؟ في عالم من الاستقطاب، والهياج اللغوي؟ كاتب هذه السطور الذي شبع سجنا وزنازين ويتقن الكتابة بدون مخالفة القانون ويخشى على نفسه من ذلك، ماذا عن الذي أمسك القلم قبل عامين. لا ألومه أبدا!
ولا تعلمُ من الذي يغيظك أكثر؟ المحافظ الذي يصنع لك عُمان غير موجودة، كلها تدين، ومحافظة، وكلاسيكية، أم الليبرالي الذي يصنع لك عُمان مهددة من قبل التيار الديني، كل واحد على صواب في شيء ما. الحقيقة، أن الواقعية نادرة في الكتابة العامة، وكما قلت من قبل: من يُلام على ذلك!
لا أحد!
وهذا ما آل إليه حال الكتابة عن الشؤون العامة، شكلُ المعيشة أهم من جوهرها. الأحوال الاقتصادية مرتهنة بأسعار النفط، وتحسن جودة الحياة مرتبط بالإصلاح الاقتصادي، والضرائب، والتسريح، والباحثين عن عمل. الكل يعلم أن هذه قضايا عمان الأولى، ولكن هل نكتب عنها؟ أن نستخدمها كأوراق ضغط؟
وهُنا يسأل الكاتب نفسه! هل أكتبُ لنفعٍ عام؟ بحثا عن الخير لقوم؟ أم أكتب لأنني أريد الصدام؟ أحتار دائما في ذلك، لماذا أكتب عن الشؤون العامة؟ لسبب ذاتي؟ أم لسبب عام؟ ربما الأمر بين الأمرين سالفي الذكر.
لكنني هل أكتب عن واقع عُمان كليا؟
طبعا لا: هذا طريق المصائب!
وتخيل عزيزي القارئ، هذا وضع من؟ وضع الكتابة عالية السقف في الإنترنت، هذا السقف العالي وهذه مخاوفه الكبيرة، ماذا سنقول عن سقف الرقابة المؤسسية! واقع آخر بائس ومحزن، أساسه الرقابة والتحييد والتهميش.
كلنا في النهاية نمارس سلوكا تعويضيا. وماذا عسانا أن نفعل؟
ننتظر مجلس الشورى؟
ترفٌ فكري أساسه التنصل من هموم الناس. القضية أصبحت الراقص والراقصة، وفي الطرف الآخر اللحية والعمامة. مهرجان من العود الأبدي. وكلنا نعاني منه، من هذه التعويضية المفرطة في الخوف والهلع.
ماذا فعلت بأبناء بلدك يا رقيب اللغة والأفكار؟ عطلت عدسة اللغة، من أجل كبريائك الذاتي. ويحك!
والرقيب الحقيقي! من يكون! الرقيب داخلنا، في عقولنا، صنع ثلثه الخوف وصنعت الأنانية ثلثيه. يعني هذا ما آل إليه واقع تويتر؟ يا ساتر شيء يرفع الضغط! وكأن المكتوب عنها بلاد ثانية!
هل لدي حل! قطعا ليس لدي حل! حالي حالي الجميع، أتشكى، وأتمضمض ببقايا ندى المعنى ودموعه.
وباختصار مشاكل عُمان الكبرى، على صعيد الحريات والحقوق، سلطات الرقيب ومدرسيته وذاتيته، على صعيد المعيشة تغول القطاع القاص وشوكته وتداخله مع السلطة، وعلى صعيد الشعب، مجلس الشورى وضعف تأثيره، وعلى صعيد الفرد، خوفه من أن يقول: "الوطن ألا يحدث كل ذلك"
أشياء كثيرة تحدث في وقت واحد، تغييرات اقتصادية، وطبعا قضية الفساد التي لا يتجرأ شخص أن يكتب عن تفاصيلها. ولكن خلونا نكمل التمثيل، سندعي أن مشكلة عمان الكبيرة هي سادجورو، ومناقرة المطاوعة والليبراليين، خلونا نكمل [الهجلو] الكبير الذي نمارسه منذ سنين.
الواقعية الماشيئفائدية!
وأنا أقول خلونا نكمل هذه الحفلة التنكرية. من رايم يكتب شيء أصلا؟ يحتاج لك سبعة عقول عشان تدرس كل كلمة تقولها، واللي من صوب الناس كوم، واللي من صوب السلطة كوم. أيوه، أكبر مشاكل عمان الآن هي حفلات الترف في الكليات، وصراع المطاوعة، والرغود. نعم هذي أكبر مشاكلنا. خلونا نتهجل.
وبو ما يعرف عمان بس أحب أذكره، فيها المطوع، وفيها المتسلط، وفيها الموالي، وفيها الممانع، وفيها الصامت، وفيها اللي يسكر في الوديان، وفيها اللي ما يصلي، وفيها اللي ما يصوم، وفيها اللي يحب المطاوعة، وفيها اللي يكرههم، وفيها كل أشكال البشر. بس خلونا نسلّك على بعض، ونكمل الهجل!
وطبعا في مقدمة هذا الهجل الكبير هذا الأحمق الذي يكتب الآن. خبير تعطيل الألغام اللغوية، الذي يكتب ولا يقول، ويقول ولا يكتب، حالي حالك ربما عزيزي القارئ.
هل تزعل لو قلت لك إني مصاب بالقرف من كل هذا. وإني آمنت بضعف الفرد، وإنه معك حق تصطف، وتختار الجمعية؟ لا تزعل، أنت أعلم بالواقع.
وهين تغيب بعمرك؟ من الرقيب المؤسسي؟ اللي مستعد ينسفك نسفا عشان صياغة مسك فيها عليك مأخذ؟ ولا من الرقيب الاجتماعي اللي مجهز سكاكين الاغتيال؟ ولا من الترف الفكري المفرط في الإنسانوية الجمعوية العالموية! هين تغيب بعمرك!
الرقيب يتهجل بنا، ونحن نتهجل بالكلام!
أما حالة!
وبس، هذا الكلام اللي كان في قلبي. ما معي شيء سوى ما قاله المرحوم حمد الخروصي ..
"ما عاد فيني عتب، أعتب على مين!"
انتهى