#اكتشافات_حديدية:
لما بدأت، كنت أظن أن صالة الحديد هي ثنائية من الألم ونهاية الألم، ووصلت إلى إنه السبب الذي يجعلك "تعود" للصالة هو إنك تتغلب على آلامِك التي عشتَها في جلسات التمرين الأولى، ووصل هذا الظن معي إلى مرتبة الاعتقاد، ونعم هو صحيح.
يتضح لي شيء، إنه مثلما زوال الألم، وفك العضلات المتشددة مذهبيا سبب للاستمرار، لكنه سبب زائل، لأنه بعد أسبوعين أو ثلاثة من التمرين، لا يصبح لديك ذلك الألم، ويصبح ألم العضلة مجرد إرهاق، ومن الأساس وجود ألم بعد راحة ثلاثة أيام يدل على أن التمرين كان خطأ.
طيب، لو كان الوضع كذاك؟ لماذا يتحول البعض إلى مدمن صالة حديد؟ هذا الإدمان الحميد لصالة الحديد، ياخي ينفع عنوان لمقال منفصل. عموما.
يتغير السبب الذي يدفعك للاستمرار إلى شيء جديد، ينقسم إلى قسمين:
الأول ذلك الخارجي: شعورك بأن قوتك تتحسن، وأن أداءك الرياضة في رياضة ما يتحسن، وهذا دافع طفيف.
الثاني ذلك الذي هو داخل الصالة: تمرين كنت لا تستطيع أن تتقنه، ومن الأساس لا تستطيع أن تتمرنه يتحول إلى تمرين متكامل [15 تكرار] ثلاث جلسات.
تغير سبب الاستمرار، لأنك بعد مدة، لن تعاني من ذلك التخشب في العضلات، ولن تعاني من ضرائب فترة التأهيل العضلي، ونظام حزب البعث العضلي من الرماد والجمود.
اليوم أكتشف، إنه سبب الاستمرار ديناميكي، متحرك، يتبع نسبية أدونيس أكثر مما يتبع حتمية المعري. ومع اكتشافي هذه الفائدة النفسية، أيضا على الجانب عرفت سببا للتوقف.
أنت تحتاج كإنسان إلى الشعور بتطورك، وبفائدة خطتك لك، لما تمارس مدرسة الغشامة الأناركية العبثية الفوضوية اليسارية الفردانية المفرطة في التجريب، أنت تعيد اكتشاف العجلة، تعيد اختراع تمرين الحديد الذي اكتشفه فلاح في العصر الحجري، وبدأ يفرح لعضلات [الباي] التي نمت نتيجة استخدامه للمحراث، لذلك، ستصاب مع الوقت بشعور مزعج، إنه النمو العضلي لديك غير متناغم، ولا يحمل الوشائج الفاتنة لثنائية أبولو وآلهة الجمال، بلغة أقل تحاذقا، تكتشف إنك جالس تخبص في موضوع معقد للغاية، وبناء الجسد البشري فوق طاقتك، مما قد يجعلك تتوقف، هذا إن لم يقودك عدم الاتزان العضلي إلى إصابة تجريبية تقصف الباقي من حماستك.
هنا تأتي ضرورة اختيار مدرسة، واتباعها بحذافيرها، حذفوراً، حذفوراً، متبوعا، مخطوطا، مسطورا، واتباع مدرب لديه خطة تجاهك. لو حدث يوما ما بعد سنوات، وبدأت أمارس دور الوسواس الخناس الحميد وأقنع مزيدا من الناس بدخول عالم صالة الحديد الساحر سأنتبه لهذا الموضوع النفسي. تكرار التمارين التي كنت تعجز عنها وفجأة صرت تستطيعها هذه رسالة حازمة، جازمة، واضحة المعالم، قليلة المظالم، عالية التركيز، فاتنة التعزيز، مبهجة كأنها قبلة من ابنة أخيك وهي تقول لك "أحبك عمي" في صباح العيد، حتى مع علمك أن براغماتية القبلة مرتبطة بالعيدية لكنك تشعر بذلك الحبور الفاتن يغزو قلبك.
أظن والله أعلم، أن استمرار هذه الرسائل الصغيرة هنا وهناك، وهذا التعزيز لسلوك من الأساس صعب، ومليء بالألم والتحدي والعرق والإرهاق والخوف من الفشل، والانهيار العضلي، هي التي تجعلك تخطط لانهيارك العضلي بطريقة حكيمة.
أظن أيضا أنَّ المعلومة هي إحدى أسباب الاستمرارية في التمرين، فبعدما كنت تجهل عزل العضلة صرت تعزل، والعزل مع العضلات غير مكروه، وتشعر أن محيط جهلك يقل، وبالتالي أن استقلالية تلوح في الأفق بعد شهور طويلة، أو قصيرة.
حتى الآن، أؤمن أن ثلاثة أيام في الأسبوع هي الفترة الذهبية الكافية لغرس العادة دون هرس الخطة. قد أغير رأيي لاحقا.
غير المدرب خطة تمرين الأحد، أول أيام الأسبوع وجعله يوم تمرين التقويم والإصلاح، وبذلك يكون يوم الثلاثاء يوم الصدر والأكتاف، ويوم الخميس هو يوم الرجل.
أكملت - حسب كلام المدرب - ثمانين بالمئة من عملية التأهيل لأنطلق في التمرين بالشكل الكلاسيكي، جلسات، عدَّات ورفع أوزان [معقول] وبدأت أقلل من اعتمادي الرقابي على المدرب، فالمدرب رقيب رياضي يتبع مدرسة التمكين والمسؤولية أكثر من مدرسة القسر وصناعة قيمة لنفسه لأنه [رقيب رياضي]، وعشان ما آخذ مسار هذه الشذرة المتطاولة في البنيان اللغوي، أقدر أقول إنه تمرين صالة الحديد هي عملية متغيرة المراحل، في كل مرة الإشباع النفسي يأخذ صورة جديدة، ومعززات الاستمرار تتغير ذهنيا وعمليا.
والحمد لله على كل حال، حفظني الله من شر الإصابات، والتهور.
ومساء الخير ..