الرياضة من أجل الصحة النفسية تختلف بعض الشيء عن المجازفة ببعض الاستقرار النفسي من أجل نتيجة رياضية جيدة. وأنت بصحة نفسية معقولة، تجازف بعض الشيء براحتك، وتدفع ثمنا من القلق، وتضغط على نفسك باللوم بعض الشيء في سبيل تحقيق هدف رياضي. تتحمل جوعاً أكبر من أجل نزول الوزن، ووجعا أكبر من أجل رفع مستوى الأداء العضلي، وصبرا أكبر عن الملذات، هذه مدرسة منفصلة عن المدرسة الأخرى، والتي تمارس فيها الرياضة من أجل الصحة النفسية.
وأنت تمارس الرياضة لأجل صحتك النفسية، تكون أهدافك مختلفة. الهدف أولا هو صناعة العادة والالتزام. في هذه المدرسة قيمة الوقت تختلف، أنت لا تذهب للتمرين لأنك تريد أن تعصر وقت التمرين وتخرج بأفضل نتيجة ممكنة منه، أنت تذهب لأنك تريد قضاء ذلك الوقت في التمرين، وبالتالي صناعة المكافأة المعنوية وشعورك أنك تتغير لأحسن، بالسلوك لا بالنتائج والقياسات. في هذه المدرسة، عندما تكون مصابا بالقرف، يكون مهما أن تذهب، على عكس المدرسة الأولى، عندما تكون مصابا بالقرف، ليس مهما جدا أن تذهب، يمكنك أن تؤجل الذهاب عدة ساعات وتذهب وأنت بكامل نشاطك.
تتداخل المدرستان، فالرياضة تحسن الصحة النفسية في عمومٍ مريحٍ، ربما ما عدا هؤلاء الذين يعانون من القلق الحارق، أو الذين لديهم الاندفاع الحدي تجاه الأشياء، هنا يحتاجون إلى جدول رياضي مختلف. البعض يحتاج تشجيع، والبعض الآخر يحتاج إلى "فرملة" وقبل كل شيء تحديد الأهداف والأعباء النفسية من ممارسة الرياضة.
كلا المدرستين تلتقيان في النهاية، بدون استقرار نفسي من الصعب الوصول إلى خطة رياضية نافعة، سواء كانت لأجل التنافس، أو لهدف البناء والصحة العامة. الفارق بينهما هو الضريبة التي تدفع في البداية. من أجل صحة نفسية أفضل، البدايات الهادئة، وزحزحة الأهداف وتمطيط مددها الزمنية قرار حكيم. لا فائدة أن تعالج الاكتئاب والخمول بالقلق والاحتراق.
إنَّه أمر مزعج حقا مقدار الخطاب السام والمدمر المليء باللوم، والجلد المتعلق بالرياضة. صنع البعض مهنةً متكاملة الأركان من قيامه بهذا الدور، وكأن الأمر صناعة أتباع، وأشباح، ونعم قد ترى إنسانا رياضياً بصحة بدنية عالية، وأداء بدني عالٍ ولكنه في نهاية المطاف مدمر نفسيا، يعيش دور التابع المنساق المنصاع، ويحلو له أن يكون في هذا الدور، كما يقول التشبيه الشائع، خروف بين الأسود، وأسد بين الخراف! رغم سمية هذا التشبيه، دقته لا تفشل في وصف الحال للأسف اللغوي الشديد!
الرياضة من أجل الصحة النفسية تحتاج إلى انتقاءٍ وتجربة. وقد مررت بهذه التجربة في عدة رياضات قبل الوصول إلى هذه المرحلة التي أعيشها مع تمارين المقاومة، المملة كوقت، المفيدة جدا كنتيجة، والتي يجب ربطها بأي شيء سوى الشغف. مع الدراجة الهوائية، أو المشي، أنت لا تنفع صحتك النفسية بالحركة فحسب، هناك عامل الخروج، والعامل الاجتماعي، وأحيانا الكتب التي تسمعها أثناء الرحلات، والأصدقاء الذين يكونون معك. رياضات مثل الطائرة وكرة القدم مناشط اجتماعية قبل أن تكون رياضات. ما مشكلة هذه الرياضات؟
المشكلة أنَّك بسهولة بالغة يمكنك أن تحولها إلى رياضات مفيدة للصحة النفسية ولكنها ضارة بالجسد، تضغط على المجموعات العضلية نفسها يوميا، وهذا ما يوصلك إلى حدود جسدك بسرعة، وفي اللحظة التي تصاب فيها، تتوقف الرياضة، ومعها يتوقف المؤثر الدافع للاستقرار النفسي.
تنس الطاولة، تكثر منها، تصاب في الركبة، لا أنت، ولا صحتك النفسية، ولا تنس طاولة، ولا لقاء أصدقاء. هنا يأتي هذا العملاق الرياضي "الجم" كحل يمكنك من التمرين حتى وأنت مصاب بكسر في مكان آخر، ومجددا، تذكر عزيزي القارئ، هذا عندما تمارس الرياضة من أجل صحتك النفسية أولا.
التنويع فكرة جيدة جدا، ولو كان الوقت بيدي، لربما أضفت السباحة، ورياضة قتالية بمعدل مرة في الأسبوع من باب التجربة والتعلم الذهني. وهذه تجربتي بظروفها، لن تنطبق حرفيا على شخص آخر، أشاركها عسى أن يستفيد منها غيري. الخلاصة التي وصلت لها أن عدد مرات التمرين أسبوعيا يتراوح من ثلاث إلى خمس مرات.
في حالة وجود الوقت، والحماسة، ثلاث مرات تمارين مقاومة "الصالة" الكلاسيكية، ومرتان تجربة جديدة، سباحة، أو تنس طاولة. وفي حالة شح الوقت ثلاث جلسات "إجبارية" حتى بأقل جهد ممكن، يكون هدفها ليس التطور بقدر ما يكون هدفها وقاية من [الانزحاط] في زحليقة اليأس واللاجدوى، وأيضا، تساعد مع العلاج الدوائي الذي يسبب خمولا أو زيادة في الوزن.
تجربتي مع الرياضة تجربة عجيبة جدا! وسبحان الله! كيف تكون الحلول غير متوقعة! عانيت لسنوات وسنوات من اضطرابات ذهنية جسيمة، لم أكن أتوقع أن الحل سيأتي على هيئة دراجة هوائية! ومع الوقت عرفت أن الجهد الرياضي هو السبب الكبير الذي قاد لحالة من الاستقرار المبدئي، ولهذا حكاية. من الاندفاع، والإصابة، والكسر في الكتف، والعملية، والعودة، والاكتئاب، والأدوية، والعلاج النفسي، وحكاية معقدة، الجامع الرئيسي لها هو الثبات على جدول رياضي معقول.
الذي أكتبه عن الرياضة دافعه الرئيسي هو الصحة النفسية، لو كنت إنسانا تنافسيا، ويفكر بالمسابقات، فربما على الأغلب ما أكتبه لن يشكل لك فائدة ذات بال، لا أظن أنك وأنت تسعى للحصول على بطولة في الملاكمة سوف تفكر بهذه الطريقة، ربما ستسحق نفسك ألف مرة من أجل تلك البطولة، هنيئا لك وأتمنى لك التوفيق، أنا رجل في الأربعين، يعاني من بدايات السكري، والدسك، ولدي أولويات أخرى.
هذا ما وددت مشاركته مع الكون في هذا النهار، أتمنى لكم نهارا جميلا مثمرا. أذهب للمذاكرة شاعراً ببعض الإشباع الذهني بعد أن كتبت مقالاً في هذا الصباح.
يوم سعيد