تمرُّ علينا بين الفينة والأخرى جمل على شاكلة "لعنة الوعي/ذو العقل يشقى في الجحيم بعقله" معززةً فكرة أنَّ الراحة والطمأنينة في هذه الحياة مترابطة مع الجهل، وإن الوعي عبارة عن سبب للتعاسة والأحزان!
ولكن هل هذا صحيح؟ ماذا لو قمنا بمساءلة هذه المسلمات التي ترد وفيرا وكثيراً في متناثرات الكتابة العمومية؟
هل الوعي حقا مصدر تعاسة؟ ألا يحميك منها؟ هل نحن نتكلم عن الوعي أم عن الخوف الزائد من أشياء قد لا تحدث؟
الشر موجود، العصابات موجودة، القمع موجودة، الظلم موجود، وكذلك ما يمكن للإنسان العادي أن يفعله تحت الضغوط أيضا موجود، كل هذا وعي، نعرفه.
أين الخطأ؟
ليس في وعينا بذلك، وإنما في تعاملنا الداخلي مع هذه المسلمات. الوعي يحميك من إنسانٍ يريد لك الضرر، سواءً كان يعلم ذلك، أو كنت تعلم ذلك وهو لا يعلم.
الأمر لا يخلو من علاقة كوننا الداخلي بالخارج، وما نعممه على الآخر بناء على ما نعرفه عن أنفسنا. القلق شيء، الخوف شيء، الذعر شيء، والشلل السلوكي شيء آخر، وعيك يجعل هذه الأشياء منطقية، أما هذه التعميمات فربما من المنطقي أن نفتتها بعض الشيء، وأن نجعل من تجزئتها واجبا نفسيا لكي لا نغرق في هذا المنطق الجاهز، أنَّ الغافل سعيد في حياته.
حتى ماذا؟ حتى يتعلم دروس الوعي، أليس كذلك؟ كل ما نتناوله في هذه التعميمات له تسميات مختلفة، الصدمة تختلف عن إدراكك للشرور وللظلم والطمع في هذا العالم. الخوف يختلف عن يقينك بوجود الشر، القلق يختلف عن شللك السلوكي وخوفك من الخطأ.
إنسان يحاول ويخطئ؟ أم إنسان يقف بعيدا عن الحياة ولا يحاول أي شيء لكي يبقى "واعياً" يجيد الصواب حيث يكون، لكنه لا يفعل أي شيء به، مسكون بالخوف من أن يكون أحد هؤلاء الغافلين الذين يتهمهم بالجهل، وفي الوقت نفسه يحسدهم على الطمأنينة!
الوعي، واليقين المعرفي أنَّ هذا العالم لا يخلو من قدرية بشكل ما أو بآخر، أو إن أحببت تغيير الشركة الراعية لتقول "عشوائية" لا يعني أن نذهب مذهب هذه التعميمات.
تساؤل مر بعقلي قبل قليل، وأتساءل، هل حقا الغفلة راحة؟ أم مشروع مصيبة مؤجلة؟
ما رأيك؟