لك الله أيها الكيتونيُّ
الصابر. أيها المحروم في عصر الرأسمالية المتخمة بالسكريَّات، والنشويَّات. تقضي
أيامَك الكيتونيَّة دامع العينين، مكسور الفؤاد، شاحب الوجدان. إن ذهبت للمقهى فمن
حولَك يأكل ما لذَّ وطابَ من الفطائر والبسكويت، وإن زرتَ مع الرفاق مطعما للغداء تداهمك
رائحة الخُبز، والأرز المعدِّ بعنايةٍ في أفرانِ الزمن الجديد. تدمعُ عينَك وتتوق
نفسك لأيامِك الغبراء، عندما أطلقت العنان لشهوة البطنِ التي تحمل دهونَها الثقيلة
وتمشي بها في رحاب كوكب الأرض الشاسع. لك الله أيها الكيتونيُّ المحروم، الصابر
على نفسك، المدرِّب لإرادتك الجديدة عليك.
كيف يعيش الكيتونيُّ في هذا
الكوكب؟ ذلك الذي لا يعيشُ في غابةٍ، أو سهلٍ، أو جبلٍ يحصدُ منه ما أراد من لقمة
البقاء؟ في عصرِ بيع السكِّر الملوِّن في كل مكان. الخبزُ هو سيد الموقف في الزمن
الجديد. أمَّا الماءُ المعطَّر بالنكهات المتصارعة فقد شقَّ طريقه ليصبح ضرورةً
ترفيَّة أنيقة. وأنتَ ماذا تفعل؟ تبحثُ عن الدهون، والبروتين وتحفر في ذاكرتِك عن
فرحة الميزان المبلِّغ بالأنباء السعيدة. لقد نزلت القليل من الكيلوغرامات، وهذا
يكفيك لتواصل المشوار.
الانقطاع عن السكريَّت،
والخبز، والحلويات، والمياه الغازيَّة قرارٌ صعبٌ في عالمنا الحاليُّ. أزمةُ
الغذاءِ جعلتنا ندمن قصب السكَّر. يبدو الجميع حولنا متصالحا مع هذه الحقيقة،
القليل من اللحوم والكثير من الإضافات، الجُبنة، وبعض الخضروات المزروعة في صوبةٍ
زجاجية طُحنت تربتُها بالأسمدة الصناعية.
كم أنت متعبُ أيها الكيتوني،
تقاتلُ طبيعتك السابقة، وعادات العالمِ حولَك، غريبٌ أنتَ في مسعاك، تعيسٌ أنت في
زحام الناس، تتضوّر رغبةً وتقاوم وتتذكر بعض الحسنات في هذا النظام الغذائي.
تحسَّن النومُ، تركيزك يرتفع، وزنك ينخفض، تستيقظ عدَّة مرَّات في الليلة الواحدة،
تُبكرُ في نشاطك اليومي، مزاجك أفضل حالا مما كان عليه، ورغبتك في التغيير تستولي
عليك. كان نمطا سيئا من أنماط الاختيارات الغذائي وهذا ما يجب عليك فعله، هذا ما
تريده، من أجل صحتك.
الكيتونيُّ الرياضي، ولا سيما
ذلك الدراج يعلم جيدا أهمية قصف بعض الكيلوغرامات من الدهون المحتشدة من السرَّة
للركبة، السكّرُ في الدم لا يتجاوز الثلاثة أو الأربعة، والجسد يتعوَّد تدريجيا
على المحرِّك الجانبيّ الكيتوني. تعاسةٌ نهايتها طمأنينة. لك الله إن صبرت، فقد
أحسنت في حق جسدك، وإن له حقا عليك. طوبى لك أيها المحروم، فإن ثبتَّ فقد جنبت
نفسك التشوق الصعب لجرعات الدوبامين وغيره من الأطايب الدماغية، السكُّر الذي يحيي
لحظتك ويميت خطتك للنجاة في هذه الحياة، للبقاء. الكيتونيُّ الذي يخطو خطواته
الأولى ليجعل ذلك نمط حياة، هذه ليست مرحلة، هذا قرارٌ لتفهمَ أن الطاقة الحيوية
جبّارة، وأن فطيرة من المعجَّنات تكفيك لتمشي كيلومتراتٍ لم تكن لتتوقعها وأنتَ
تبالغُ في التهام الكربوهيدرات، وكأنَ الألياف لا تأتي إلا من الرزِّ والخبز، قاوم
ما استطعتَ، لا أجملَ من النتيجة النهائية، وتذكَّر أيها التعيس، النهاية الجميلة.
ثبّت العادات الجديدة، ستعود إلى مقدار معقول من السكّر، الخضار، والحمّص والجزر،
وستعود طاقتك للرياضة، ووقتها ستشكر نفسك على صبرك، وعلى تعاستك في هذا العالم
السكري الذي أصبح يخلط الماء والسكر ويلوّنه فقط لأن القطعان لم تعد تكفي الجميع.
صبرا أيها الكيتوني، فإن النهاية تستحق.