بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 18 نوفمبر 2021

مسقط

 


 

أحبِّكُ خاليةً من ضجيجِ الناس.

خاويةَ الوفاضِ من زحام الأضواء، ونعاجِ الإسفلتِ الهادرة ذهابا، وجيئةً.

أغرقُ في بركِ الذاكرةِ، وأمضي إلى جهتي.

الشارعُ منفى أنيقٌ تحفُّه عيونُ المتربصين بالآمال، والعابرُ – وهو يسبغُ المعنى على خطواتِه – مجهولٌ يعلمُ ماهيَّته.

يا غُبارَ مسقط. تلطَّخت أحلامُنا بالدموع، وطينِ المأمولِ الجارف، وعلقنا في هذا البرزخ الجزافي. لا دليلَ يكفي لندلَّ البحرَ على ملَّاحيه، أو لتُدلي الغيومَ بدلائِها على جفافنا الوجودي، وقلوبنا اليابسة.

ذبلت أكباد الصبر، فالمغولُ انكسرت قلاعُهم، وذبلت حوافر خيولِهم، وانصدعت أفئدة فرسانِهم ترثي شجاعة المنسيين في ساحات الضوء، حيث انتشرت جلاميد الزمن شاهدةً على الذين حاولوا الفلاتَ من حبِّك الصعب، وأيامِك الشرسة.

أحببناك أكثر مما استطاعَ القلبُ، وغفونا لنراود حلماً رديئاً عن نفسِه، لعلَّ بارقةً من ضباب النفوسِ تحملُ بشارةً صغيرة، عن غدنا المأمول، المنسوجِ على مهلٍ من خيوط السأمِ والحسرات.

سنعبرُ دهاليز الرمل والصخور، ونغلِّف الأسفلت بالمجازِ والقصائد. سنهدهد الخيال؛ لينامَ ساعةً، ليغلَّف الشارع بالأشجار، لتبرقَ كسبائك الذهبِ في قصيدة شاعرٍ هائم في المعنى، وفي حبِّك الغامض، الحارقِ كآتونٍ فقد طريقه للجحيم.

 

معاوية الرواحي