بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 16 فبراير 2022

سرب من الدراجات

 لا وقتَ للكتابة، أيامٌ متتالية مُرهقة، عمل لا يتوقف، وتكوين لفريق من شركاء العمل. كان اللقاء اليوم مع نادي الدراجات النارية مكافاة لكل ذلك التعب. صرت أمقت السيارات أكثر وأكثر، ولكنني صرتُ أرى الشارعَ بعقل جديد، وعيونٍ تختلفُ عن سائق السيارة الغافلِ الذي كنتُه قبل قيادة الدراجة.

في الاتحاد قوَّة، هذه خلاصةُ فهمي لهواية لا توصف إلا بالخطرة، ولا سيما في شوارع عُمان، كيف لك أن تقود دراجة، في عالم الواتساب، وسناب شات، والرد على المكالمات، بل وربما كتابة الرسائل؟ كيف لك أن تكون قائد دراجة نارية في هذا الكوكب المليء بالسيارات، والهواتف النقالة؟
الانضمام إلى نادٍ يختلف جذريا عن ممارسة هوايتك فرداً. وأنت فرد، تتعلم بنفسك، بشكل بطيء، لا أقران يحمّسونك، ولا أصحاب سبقٍ خبرةً يرشدونك. ينطبق ذلك على الشطرنج، والموسيقى وأي شيء. كما يقولون، في الاتحاد قوَّة وهذا ما تعلمته اليوم في أوَّل مرة أقود فيها دراجتي النارية في سرب جماعي.
كان قلبي يخفقُ بشدة. كتفي المكسور الذي تهشم بسبب حادث دراجة هوائية يوسوس لي ويقول: خَفْ. وعقلي الذي يطحنُ القلقُ أفكارَه يقول لي: امسك الشوارع الجانبية، هذا هو الشارع العام! جسدك سيكون بسرعة مائة كيلومتر في الساعة وأكثر! هل تعلم ماذا تعني هذه المجازفة؟ خَفْ يا ماريو، خَفْ.
سربٌ من الدراجات النارية، يتجاوزُ عدده العشر دراجات، الهارلي، والجناح الذهبي [الجولد ونج]، وأنا بدراجتي الأفنجر، صاحب أفخم دراجة في السرب، وصاحب أقل خبرة منهم! يالها من مفارقة. أن يكون لديك أفنجر خرافية، وأن تكون المبتدئ مع كل هؤلاء! إنها الثلاثاء، ليلة عمان بايكرز.
وصلتُ لموقع اللقاء. أقود بحذر شديد، أترك مساحة أمان، وأراقب السيارات. أعتبر كل سيارة حولي شخصا غير منتبه، أعتبر كل من في الشارع متهورا. أمقت السيارات، وغرورها، واستحقاقها الكاذب الكذوب وكأن الشارع لها وحدها. أمقت كل من يدخل بسيارته على دراجة [ويغصبُ] المسار رغما عن أنف غيره!
صرتُ أقود لوحدي، في الشوارع العامة، وفي الخط السريع ولكنني اليوم كنت على موعد مع تجربة جديدة، القيادة في سربٍ جماعي! أي خوف كنت أعيشُه. الخوف أن أعترف أنني خائف، والخوف من الحرج. معي دراجون خبرة بعضهم تفوق الثلاثين سنة، وأحدهم زار أكثر من أربعين دولة بدراجته! فهل تقول: أنا خائف!
حاولت أن أجدَ عذرا لكي أنفصل عن السرب الجماعي، وأقود بطريقتي الحذرة لوحدي إلى مقر نادي عمان. الروح الأخوية في الفريق تشدني وتبقيني وتشجعني على القيادة في سرب، والخوف من التجربة الجديدة يقول لي: قد بطريقتك البطيئة، والحذرة جدا لوحدك، لا تذهب معهم في سرب. كنت مخطئا، بشدة!
وكأنه قد نبت لي عقل جديد. أخذت مساري في السرب. لأكتشف أن القيادة في جماعة أكثر أمانا. فهناك قائد للسرب، يعطي توجيهات بالإشارات لكل من خلفه، وهُناك استراتيجيات للتنقل والحركة، وأخوكم الغشيم مع كل هؤلاء الخبراء يحاول ألا يعترف أنه خائف من التحرك الجماعي. في الاتحاد قوة، نعم، قوَّة.
يتحركُ الجمعُ، لأكتشفَ أن القيادة في سرب أكثر أمانا. احترامٌ لقوانين المرور، وتنبيه لكل سائقي السيارات. ما دمت مبتدئا فأنت في حماية الأكثر خبرة. يُحاطُ بك ويُدرسُ سلوكك، ويتم إبلاغك بالملاحظات. هواية الدراجة النارية ليست مرنة لتتعلم من أخطائك، بعض أخطائها قاتلة. والسرب يعي ذلك.
وهكذا يُعامل كل مبتدئ. قائد السرب يعطي توجيهاته للجميع، وأنت المبتدئ في منتصف السرب، خلفك من يحميك ويجهز لك مكانا لتغير المسار، والبقية يصطفون للتأكد من عدم دخول سيارة في منتصف سرب للدراجات. إن كنت سائق دراجة [لاااااااااا] تدخل في منتصف سرب دراجات جماعي، أنت تعرضهم أجمعين للخطر!
وصرتُ أقود في شارعٍ عام. وأكتشفُ أن الدراجةَ مرنة، تخفض سرعتها في وقت قصير، وتزيد سرعتها في وقت قصير. هذا يجعلها أكثر أمانا من حيث القدرة على المناورة. وأنت مع سرب، في الاتحاد قوة، حتى وقاحة السيارات تتوقفُ بعض الشيء أمام قوة الجماعة. القيادة أكثر أمانا.
وصلت بسلام، ليتم [استلامي] بعد الوصول. - معاوية كيف حالك؟ بإذن الله غدا سوف تغلق الإشارة! - لا تغير مسارك حتى يغير الذي خلفك المسار. - لا تفكر بعقلية سيارة، ولا قائد فرد، أنت مع سرب. - أنت صاحب دراجة أفنجر، هذه أعظم دراجة في التاريخ! -
اثنان مبتدئان، ويتضح أن كل السرب كان يتحرك لحمايتهما، ويحسب حساب خبرتهما البسيطة. ويغطي عنهم أي احتمال ممكن لقائد سيارة [غشيم] لا يحترمُ الآخرين، ويظن أن الشارع خلق فقط للسيارات، وكأن الشوارع خلقت فقط لهذه الغرف المكيفة ذوات الأربع. عندما وصلت فهمتُ سر إشارات اليد.
وكسرت العقدة. ومن الخوف الشديد في القيادة في سرب جماعي إلى ذلك الشعور المطمئن. القافلة تسير بقدر احتمال أضعفها، والاتحاد قوة. ليتني أعيش اليوم الذي تُطرد فيه السيارات من الشارع، ربما سيكون بعد مائة عام، ربما لن يحدث. لكنني اليوم عرفتُ أنه يمكن مقاومة هذا الطاعون الصناعي بالوحدة.
أمر على لوحات وبها صورة [دراجة هوائية]. أشعر بالأمل في الحياة. أقول في نفسي: ليت هذه الصورة تنغرس في عقل كل سائق سيارة، ليتَ الجميع يعي أنَّ قيادة السيارة في عمان غَلبةُ الكثرة على القلة. في أسطول فريقنا للدراجات، كبر الأمل في قلبي، قد يأتي اليوم ونطرد السيارات من الشارع، نعم!
ألتقي بأمجد الفيروز، رئيس نادي أبطال الدفع الرباعي، وهو أيضا اشترى دراجة نارية. أخبرني الجميع بعد أن وصلنا لماذا كانوا يحيطون بنا، ويفعلون ذلك مع كل مبتدئ، لماذا؟ لأن هذا واجبهم، وقالوا لي: يوما ما سيكون هذا واجبك. رغم فرديتي المتطرفة فلسفيا، اليوم تصالحت قليلا مع فكرة: الجماعة!
ولكي لا أخدع أحدا. عالم الدراجات ليس بريئا، به أناسٌ بلا ضمير، مثل عالم قيادة السيارات، مثل الحياة بشكل عام. هُناك فرق لا تراعي، وهناك قائدو دراجات نارية لا يبالون بحياتهم، ولا بحياة غيرهم، هُناك من يسيء لهذه الهواية. وهُناك من هو غبي، وغشيم، وهُناك أقدار مؤلمة قابلة للحدوث.
أكره السيارات، أكره ما فعلته في حياتنا، أكره أن المدن مصممة من أجل خاطر هذه المركبات المعدنية الأنانية، أكره حقيقة أن الشوارع التي رصفت للدراجات الهوائية قد سُرقت من أجل هؤلاء، الذين يقودون غرفهم المكيفة، هم وهواتفهم، والواتساب، واستعجالهم، وأنانيتهم في دخول المسار.
أكره السيارات، وأكره كل سائق سيارة مستهتر. يعامل الطريق كأنه غابة يأكل فيها القوي الضعيف. أحترم سائقي الشاحنات، وأحترم معظم السائقين، ولكنني أحتقر كُل ضعيف نفس، أناني، يجازف بأرواح الآخرين فقط لأنه به [دو..ة] يدخل على الناس بدون أن يراعي، لأنه بطل وقوي ويعرف أنه أقوى من الدراجات!
ومن قوّاك على الناس يا سائق السيارة! الرأسمالية! التي بطّرتك، ودلعتك، مركبة موت، وقتل، وحوادث وأنت لا تهتم! [منتزق] تركض على مسار وتدخل على الناس. ما غريب عليك! سرقت الشارع من أهله وأصحابه، ولا يؤدبك سوى صاحب الشاحنة، المحترم أكثر عنك وقيادتك عادة! يا سنجاب! يا مدني!
أشكر كل دراج علمني اليوم درسا، أن حياةَ الناس ليست لعبة. أنا وزميلي المبتدئ الثاني في الفريق، أشكر كل شخص بخبرة ثلاثين سنة كان واحد أمامنا وواحد خلفنا وما كنا نعرف إنه كل السرب كان يمشي بناءً على مهارتنا المتواضعة. بإذن الله، سيتخلى العالم عن السيارات ذات يوم.
سيصبح العالم أجمل بدونكم، يا جماعة السيارات. أنتم وأطنان الحديد التي تحرق الوقود بلا داعٍ، سيصبح العالم أجمل، بالقطارات، والترامات، وحتى المركبات الطائرة، كل خيار يجعل العالم بدونكم أجمل يا سناجب السيارات، الحمير، والبغال تستحق الشارع أكثر من سياراتكم يا سناجب!