طلعَ النهار، ولم تبزغُ من نورِه الآمال. تلك الولدانُ كما وصفها أبو مسلم البهلاني. لا ألوي على شيء. أختار من ثمالةِ الحُزن كفايةََ الحاجة، ومن الحسرات متيسرَها، ومن الوقت ما يغني عن مكائد الزمان. لستُ كما كنتُ، ولا كما سأكون. أُقبل على غوامض الحياة بشجاعةِ الحمقى، وثائرة الصعاليك. أغضبُ، وأكرُّ، وأفرُّ، وأهدد، وأرغي، وأزبد، وأهدا، وأفترُ، وأشتعل، وأصبح رمادا في ثانيةٍ واحدة.
هذه الأفكار المُعمِّرة في الوجدان كم عمرُها؟ كم تلبث تلك الثواني الغاصبة للطمأنينة؟ وما هو زمنُ المعنى في نفوسنا؟ ولماذا تداهمك حال استيقاظك فكرةٌ غضوب؟ وما الذي يجعلك تحتملُ كل هذا الدوار، والصداع، والقلق؟ لأجل الحياة؟ أم لأجل كل ما تظنه سيصبح حياةً؟ يستقبلك الصباحُ الذي لا تُرحبُ به، ولا تقبله يوماً جديدا من أيام عُمرك. هذه التي تمضي ليست أعمارنا، إنها حياتُنا التي تنسلُّ معاندة أفكارنا المخادعة، التي يحلو لها أن توقف الزمن، لبعض الوقت، لما يكفي من الثواني كيف تفكّر في شأن هذا النهار، وهذه الحياة، وهذا السعي المحموم الذي يتعبك جريانه، ويخيفك توقفه.
إنه صباح جديد، ويوم آخر سوف نطويه كما طوينا آلافا من أمثاله. سنعيش، لا لشيء، ولكن لأنَّ الهزيمة ليست حلّا، وأن الاستسلام ليس إجابةً تروي غليل هذا الهلع المستمر الذي اسمه حياة، وهذا الذعر المتواصل الذي اسمه: عُمر.
صباح الخير المأمول.