بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 28 مارس 2022

كلمات كالسكاكين!

 

 

بم عساك أن تشعر عندما يحدثك الأقربون كأنك غريب؟ كأنك بعيد عنهم، خارج أحلامهم المشتركة، وغائب عن آمالكم المتوازية؟ عندما تشرح العادي، والمنطقي، والطبيعي فيصفعك قنوطهم: هذا مستحيل؟ هذه مُجازفة؟ هذا غير ضروري؟ أو أن تتهم بأنك شاطح في الأمل؟ لماذا؟ لأنك لا تستجيب إلى قنوطِهم، ويأسهم المسبق من الحياة، وظنهم الغاشم في كل شيء له علاقة بالإنسان، وما ينطوي عليه من خير!

ماذا عساك أن تفعل؟ عندما تمزقك سكاكين الرغبة في الابتعاد، فقط لتنجو من ذلك الفيض غير المنطقي من المخاوف والظنون؟ وأنت تلوم نفسك. لقد حلمتُ في المكان الخطأ؟ لقد بحثت عن الحماسةِ مع العقل الخطأ! لقد تكلمت مع الشخص الخطأ! كُل هذا جارح! من السهل أن تغفره، ومن الصعب أن تتجاوزه.

لدي أمل! عندما يصبح هذا تصريحا غبيَّا! لأن الآخر الذي ظننتَ به الخير يضيفك إلى قائمةٍ طويلةٍ من الذين لا يثق بهم، فهو لا يثق بالأمة، ولا بالحياة، ولا بالمجتمع، لا يثق بك، وحتى بظلك! كل شيء ذاهب للزوال! هل يعلمون كم هو قاتلٌ أن تعيش كالمجنون، متمسكا بأهداب الأمل، لتهرب مرارا وتكراراً، فقط لكي تهرب من أفعى اليأس التي تنشبُ أنيابها في عروق خيالِك؟

هل يعلمون هؤلاء ما الذي يفعلونه في الذين يحبونهم؟ هل يعلمونَ لماذا نقرر أن نبتعد عنهم؟ لماذا ننجو بأنفسِنا وبأصدقائنا، وبوقتنا، وبامتلائنا وفراغنا؟ هل يعلمون لماذا نؤمن بالشعر، وبالأدب، ونقرر المغامرة والمجازفة؟ هل يعلمون لماذا اعتزل العازف مع آلته الموسيقية؟ ولماذا قرر مهندسُ الإنشاءات أن يفتح مقهى للقهوة المختصة؟ هل يعرفونَ إلى أي مدى يتأثر هذا العالم بهم؟ وبذلك الثقب الأسود الذي يمتص المادة والطاقة والضوء، بل وحتى الأوهام والأحلام والآمال؟

ولماذا هذه السكاكين؟ لأنك تبيع اليأس؟ بثمن بخسٍ؟ لأنك قبلت أن تكون تاجرا يبيع بخسارةٍ دموعا لا يبكيها؟ ويقبض ثمن قنوطِه في اهتزازك، بحجة الواقعية، وغيرها من الظنون التي لا تغني، ولا تفيد، ولا تطعم سوى أعشاش العناكب التي تخلطُ المنطق بالخيال، وتنسجُ مع بيوتِها الكثير من الأفكار الواهية، الأوهى من أعشاشها؟ سقط البيت، ومن فيه، وخاب العقل وما أنتجه، ويظن ما يظن أنه يفعل خيرا؟ خاب ما تفعل، يجب أن تعلم أين تضع أحلامك.

ليس بيدك سوى أن تحلم، وأن تحمي خيوط أحلامك من مقص القريب والبعيد، تحلمُ؛ لأن اليأس ليس حلاً، ولأن الذين يجربون سكاكينهم في أحلام الآخرين يحمون أحلامهم بهذه السكاكين! لست حداداً لتفهم لعبة السكين، ولست خيّاطا لتفهم لعبة النسيج، ولست أي شيء سوى حالم في هذا العالم الذي يموج بكل ما فيه من شرٍّ، وأنانية، ورغبةٍ في الفلات، تحلم لأن أحلامك هي الفلات، وليست رغبتك فقط في الفلات مما أنت متمسك به، حدَّ تقطيعك أحلام غيرك بالسكاكين فقط لأنه يحلمُ في الطريق الذي تخشى أن تجربه، أو في السماء التي يخاف الطيران فيها، أو ربما لما هو أسوأ، لأن أحلامَك لا تتسع له، أو ما هو أبشع: لأن أحلامك تؤذيه! ما دمت تحلم، فلتكن أحلامك بلا حدود! ولا حل آخر غير ذلك!

 

ماريو