بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 3 مارس 2024

الرقيب يبعث من جديد!

 الرقيب الإعلامي يقود هذه الساحة الهادئة جدا، المليئة ببذور المشاريع الصغيرة إلى كارثة حقيقية. المتقاطع بين المشروع الفردي الاجتماعي، والمشروع الرسمي الذي تمثله وزارة الإعلام كثير.

ثمَّة اتفاق على النهضة، والعدالة، والرخاء، وحماية المال العام، واستنهاض الجيل الجديد للعمل من أجل بناء فرصه، واستقلاليته، وريادة الأعمال، والتعليم، والبحث العلمي، والابتكار، وعشرات المواضيع المتفق عليها. ماذا يفعل الرقيب الإعلامي! إنَّه يريد أكثر! يريد أن يقوم الناس بفعل ما هو فشلَ فيه، من الوصول، والإقناع، وطريقته في ذلك لا توصف إلا بالطريقة الاستحواذية المبنية على لي الذراع. منذ متى هذا الرقيب يحترمُ عقلا أو مبدعا! من الأساس، حتى طريقة منع الإصدارات والكتب، وتعطيل ترخيصها، بل والصمت وترك إبداعات عمانية متأخرة بالسنوات هي طريقته، فمن الذي يتوقع منه أن يصبح الآن صديقا للجميع! قانون الإعلام المرتقب سيصنع أزمات متعاقبة، ومع من؟ مع هذا الجيل الذي هو من الأساس يعمل بطريقة مهنية ومبدعة في التعامل مع الواقع الرقمي والإعلامي! لماذا يصر الرقيب الإعلامي على أن يبسط سلطته وهيمنته على وضع مستقر؟ ولماذا يصر على صناعة أزمة؟ الأزمة ستحدث، لأنَّ هذا الرقيب الإعلامي ليس له أي تاريخ من العمل المشترك، ولا في احترام وجهة نظر غير مدرسته الخاصة به، هذه الأزمة ستحدث ليست من قبل القلة القليلة من الذين يسمون الآن [المؤثرين] وإنما من قبل المشاريع الصغيرة لكل الذين من هذا الجيل القادم والذين تعلموا التجارب الرقمية، وتجربة صناعة المحتوى من عالمٍ بأكمله صار يؤمن بها ويعززها بل ويعتبرها من القوى الناعمة التي تنفع المجتمعات والدول. روح الإحباط، واليأس، والسيطرة، والهيمنة التي سوف تحدث من قبل هذا الرقيب ستعيث في هذه المنطقة الهادئة خراباً لا أفهم حتى هذه اللحظة من المستفيد منه! لا الدولة تستفيد منه، ولا المجتمع، ولا الحكومة، ولا الناس! من المستفيد من ذلك؟ لا أحد! الساحة العُمانية الرقمية، والتعبير عن الرأي عاشت "نزهة" مؤقتة في الشعور بالحرية، وجاء مع ذلك شعور بالمسؤولية، وانعكست هذه الثقة على أشياء كثيرة، المشاريع الفردية تتجه إلى صناعة احترافية، والبيئة الخالية من العرقلة والتدخل من قبل الرقيب الإعلامي صنعت نجاحات عديدة، فماذا يريد الرقيب الآن؟ أن يدخل عنوةً في هذا الوسط المتناغم، وسيصنع هو المشكلة! من أجل ماذا؟ من أجل من؟ من المستفيد من هذا التسلط؟ الذي صنعَ مساره الإعلامي، والمهني باعتماد مبدأ تكميم الأفواه، والرقابة على الشخص لا النص، الخالي من المهنية، الذي يشخصن، ويغضبه أي نقد هذا هو أوَّل من يؤذي هذه المرحلة المتناغمة في عمان، ويعرضها للتوتر، ويكهرب الأجواء، هذا الذي يظن أن بسط هيمنته على هذه الفئة القليلة من أصحاب المنابر الرقمية، والإعلام الخاص، والمشاريع الفردية هو أوَّل من يصنع الأزمة، بشكل متعمد، ومندفع، وأهوج، وخالٍ من أي اعتباراتٍ عامَّة. وما الذي بيدك سوى أن تسجل موقفك الهامشي؟ إن تمَّ تمكين الرقيب الإعلامي من أرزاق الناس، وسُمح له أن يستشري هو ومدرسته المبهمة، وتبريراته الزئبقية، ونظرته الاستعلائية، وخوفه الشديد من النقد، وتضخيمه لمنجزه الإعلامي المليء بالتقصير في حق بلاد تموج بالتغييرات الإيجابية، وتتحسن فيها الأحوال تدريجيا، إن تمكن هذا الرقيب ووصل إلى لحظة الضغط على حقوق وأرزاق الآخرين! فالذي يحدث هو ببساطة صناعة أزمة بلا مستفيد، بلا داعٍ، لا عمان دولةً استفادة منها، ولا عُمان حكومة استفادت منها، ولا عُمان مجتمعا استفادت منها، ولا عُمان أفراداً استفادت منها. الجميع يعلم ما هو التغيير الذي يجب أن يحدث في الإعلام العُماني، والجميع متفق على هذا التغيير. الساحة العمانية الرقمية تعيش أياما هادئة، ومشاريع الجيل الجديد توسع إمكانياتها كل يوم، والرقيب الذي يتحرك بكل هوس لا يريد لا أن يشرف ولا أن أنظم، إنه رقيب يريد أن يعرقل، وأن يقسر الناس على القيام بدوره الذي حتى هذه اللحظة أخفق في القيام فيه! هذه القشور المتلألئة بالكلام المنمق والملمّع ستتحول إلى حالة إحباطٍ عامَّة، وعندما تتكرر ظاهرةً اختفت من الساحة الرقمية، فالملوم هو الرقيب الإعلامي أولا وأخيرا! وكلمة أخيرة: إن كنت من الأساس لا تعترف بأبناء بلدك، ولا إبداعهم، ولا نشاطهم، ولا جهدهم! فمن يصدقك وأنت تزعم أنَّك تدفع دفعا بمشروع هيمنة كلُّه يلتف حول رقيب! إيه يا عُمان! وظننا أننا عشنا أكبر أحزاننا من قبل! الله يستر من القادم!


ألا يفهم الرقيب الإعلامي خطورة الذي يفعله؟ وكيف يمكن لهوسه بالسيطرة على مشاريع الآخرين، وتوجهاتهم أن يشكل ضررا حقيقيا على مصداقية الحكومة أمام الناس؟ بصدق! ما حد شايف خطورة أن كل شيء يسير نحو رفع سقف الحريات الشعبية، التصريحات التي ترد من جلالة السلطان، كلها تصب في هذا الجانب، وأن تكون عُمان على مستوى طموحات هذه الأجيال المتعطشة للنهضة وللنجاح! ألا يفهم الرقيب الإعلامي أنَّ شعورا عامَّا بالخديعة سوف يصاب به الجميع إن تحقق له هوسه المندفع بخنق الحريات الفردية ووضعها تحت سيطرته؟ لا أحد يثق بالرقيب الإعلامي، فهو لا يحترم لا صاحب رأي، ولا منصة إعلام، ولا مؤسسة خاصَّة. هذا الرقيب المبهم، الغامض، يمنع الكتب دون حتى أي "حشمة" لكاتبها، تتقدم لها بكتاب ولا يرد عليك لسنوات وسنوات، هذا الذي يعلن في الملأ ويدعو الجميع إلى عدم الخوف من التعبير عن الرأي وفي الدهاليز الخفية يرفع القضايا على صناع المحتوى الرقمي، ويمارس الانتقاء غير القانوني ليلزم مشاريع فردية [غير إعلامية] بأن تعمل تحت مظلته! قبل أي شيء،وكل شيء يجب تعريف ما هو إعلامي تعريفا واضحا لا لبس فيه، تعريفا يحفظ حق الجميع. الرقيب الإعلامي، إن لم يعيد النظر في موقفه واندفاعه نحو وضع كل شيء تحت سيطرة [صلاحياته] فهو بكل بساطة سيسبب شعورا للجميع أن كل هذا الانفتاح في مجال حريات التعبير هو مجرد خديعة، وسيوغر صدر الناس ضد الحكومة، وسيفتح أبوابا لا نهاية لها، وسندخل مجددا نفقا مظلما من الخصومات والتي لا أعرف من المستفيد منها! من أجل هذا "الإيجو" الرقابي، أشياء كثيرة سوف تنهار، أشياء لا حصر لها وأبسطها هذه الحماسة، والمهنية، وبذور كثيرة جدا حولت المشاريع الفردية [والبودكاست] إلى بيئة منتجة ومثمرة. حجم الشعور بالخديعة سيكون هائلا، وكبيرا، ولن يدفع الرقيب المؤقت ثمن هذه المرحلة لأنه سوف يعيث فيها خرابا هائلا وسيرحل لاحقا بعد أن يثبت للجميع أن منطلقاته لا علاقة لها بالنفع العام، البعض يحاول استعادة وجهه المحروق من أزمنة تكميم الأفواه بشتى السبل، ولعل الطريقة التي يسعى لتحقيق ذلك عبرها هي ذلك الظن البائس أن إحكام القبضة على تلك القلة القليلة من المنصات ذات الوصول العالي تعني أن الناس ستتجه تلقائيا إلى طرحِه الهش، العمومي، الخالي من الدسم. من الأساس، الذي يحقد على عقول أبناء بلده، والذي لا يعترف بهم، والذي يقزم منهم هذا هو الخطر الحقيقي على البلاد، عمان بحاجة إلى من يؤمن بها، ويؤمن بشبابها، ويؤمن بغدها، ويبث روح الحماسة والأمل والعمل فيها، لا إلى هذا الذي يقف في برجه العاجي يطلق الأحكام وكأنَّه قاد قناة الجزيرة لعشرين سنة متتالية! الرقيب الإعلامي، بضعة مقيتة، وكم سيكون مؤسفا أن يندفع بهوس إلى حقول الثقافة، وحقول الكتابة، وحقول المشاريع الفردية فهذه كلها تسير قدما، وتتحول إلى مشاريع حقيقية ومثمرة، وإلى نمو، وصناعة وظائف، وصناعة استثمار، والعقل الرقابي مشغول بالأدلجة والعموميات وكأن هذه العموميات لا يكفي ما عاثته من خراب ودمارٍ وما صنعته من كراهية وتهميش وتحييد. كلمة أقولها قبل أن يسبق السيف العذل، مشروع قانون الإعلام الجديد يجب أن ينسج على مهل، وأن تتولاه مؤسسات قانونية، وقضائية، وأن تحدد فيه حقوق الناس وصلاحيات الرقيب تحديدا واضحا لا لبس فيه. الاندفاع وراء هذا المشروع سيضر الحكومة، وسيصنع وقيعة لا داعي لها مع المجتمع الذي يستبشر خيرا كل يوم بمرحلة جديدة في عمان، أكثر حرية وشفافية. الشعور بالخديعة سيكون عامَّا وشاملا، وهي نصيحة محب لهذه البلاد الجميلة، راجعوا اندفاع الرقيب الإعلامي، فما يفعله لن يحقق أي خير لعمان. ثمة مساحات هائلة متفق عليها، مساحة أساسها الحب لعمان، والأمنيات بنهضة الاقتصاد العماني، بعد كل هذا الموسم المزهر، وبداية ظهور الآمال، والتغييرات التي يظهر طفيفها وكثيرها، نأتي اليوم إلى المربع الأوَّل، حقنا في الكلام، وينزل هذا الرقيب الإعلامي على الآمال ليجثم على قلوبنا وحقوقنا محاولا انتزاع مكان لنفسه. لم يصنع الرقيب الإعلامي مساحة حوار، ولم يستطع حتى أن يتقبل رأيا من شخص واحد، وفوق ذلك، مثل هذا الالتفاف على المرحلة العُمانية، وما يحدث من ملاحقة لأفراد، ومن منع للكتب، كل ذلك معتمدا على أي منطقة رمادية في التشريع، الآن ماذا؟ ننتظر سقوط الفأس في الرأس. كلمة أقولها وأسجلها: مشروع الرقيب الإعلامي سيضر ولن يفيد، وسيصنع من الأزمات والمشاكل ما لا داعي له، لا في المرحلة العُمانية، ولا حتى الدولة سوف تستفيد منه، ووقتها عندما يحين وقت التغيير ستكون عمان قد خسرت سنوات إضافية طال انتظارها. أتمنى أن تتدخل الدولة بكل عقلائها للنظر في مشروع قانون الإعلام، وإعادة النظر في صلاحيات الرقيب، وجعل الموضوع قضائيا، وقانونيا، قابلا للأخذ والرد، وألا نعيش في ذلك الزمن مجددا الذي يحكّم فيه الرقيب مزاجه، وشخصنته، ومدرسته، بناء على حقوق مواطن آمن ووثق بهذه البلاد التي ما فتئت تقول له أن يعبر عن رأيه، وأن يساهم في بناء الوطن، وأن يضع مصلحته نصب عينيه. إن انتصرت هذه الفئة، فلا جديد يذكر، كل الذي سيحدث هو صراع نخب جديد، وأزمة جديدة، ومشاكل لا داعي لها، ومحيط أحوج ما يكون للحوار والنقاش والجدال والاختلاف في طاولة عادلة بدلا من أن ترجح الكفة لهؤلاء الذين يريدون لعمان هذا التوتر الذي لن ينفع أحدا. والسلام! #بريت_ذمتي