بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 ديسمبر 2024

هدف سهل

الأستاذ عبد الله الذهلي، قدم نصيحةً أبويةً لا تخلو من الحدة، لا يوجد شيء في كلامه يسمح لإنسان أن يتطاول على أحد الطرفين، فلا الأستاذ عبد الله أبواب الهجوم على من يسمى بامير الأحزان، ولا أمير الأحزان فتح بابا للتهجم على الأستاذ عبد الله! ولكن من الذي وجد سانحةً في كل ذلك؟

صناعة العبر أليس كذلك؟ لأن هذا الشاب الطيب للغاية هدف سهل، ليس قطعة من الشر فيختار أيضا عبرةً انتقائيةً من الذين يهاجمونه. هذا ما يتكرر دائما في الوسط الرقمي العُماني.

نشتكي من ماذا؟ من التفاهة؟ أين هي المشاريع التي تأخذ بيد صناع المحتوى لصناعة محتوى رصين؟ أين هي هذه المشاريع التي تأخذ بيدهم؟ كلا، هذا متعب، ومضنٍ أليس كذلك؟ دعونا نختار إنسانا لا حول له ولا قوة، لا يعرف عنه الغضب، ولا الشراسة، فنهجم عليه بكل قوتنا وطاقتنا، ولنصمم ما يكفي من (الميمات) وكأن تحطيمه نفسياً هو الذي سيصلح هذا الواقع الرقمي العالمي الذي تغيرت فيه أبسط السنن المنطقية، أما بثوث التكتوك، أو المحتوى المخصص لما يسمى (الجلد) فهذا شيء عادي جدا، يمر علينا، التشنج شيء طبيعي يمر علينا، ولا نراه ظاهرةً رقميةً تحتاج إلى وعينا الجمعي بكل خلاياه المناعية لتتصدى له!


لا أدين نصيحة الأستاذ عبد الله الذهلي، فهي لن تختلف عن أي تأنيب محبِّ من المؤكد أن يهدف إلى نصح إنسان، لكنني أدين حقاً كل هؤلاء الذين وجدوا الفرصة للانطلاق بأسلحة التنمر، والتسميم، والفتك الجماعي بإنسانٍ لا حول له ولا قوة.

حدثت قبل شهور مع الذي يسمي نفسه (أيمون) وهو أيمن السيابي، المدرب الرياضي الذي يقدم محتوى كوميدي أكثر. هل كان سيهجم عليه ويفتك به لو كان (شرّانيا). إنها عادةٌ متكررة، تحدث بين الفينة والأخرى، انتقاء إنسان طيّب وعلى نياته وكأنه هو من صنع التفاهة في هذا العالم.

لا أرى أمير الأحزان تافها، ولا أطالبه بفوق طاقته، وإن كنت أملك أن أقف معه، سأهيئ له سيناريو وإعداد وأرفع من جودة محتواه وأفعل ما بوسعي لأجعله ضمن سياق رقمي تفاعلي نافع ومفيد، وحتى الكوميديا يمكنها أن تتحول إلى خطاب نقدي بمعايير فنية حقيقية. ولكن لا، أن ترفع عقيرتك منتقيا هذا الإنسان من بين الجميع هذا أسهل أليس كذلك؟ هذا أبسط؟ هذا أسرع؟ هذا أكثر إشباعا لشعورك بالصوابية وأنَّك من نخبة المعنى (والحقيقة) التي يلوكها البعض ناسيا أن حقَّ الإنسان الطبيعي في أن يكون ما هو عليه، فإن أردت منه ما ليس عليه، فإمَّا أن تعلمّه، أوتساعده، عدا ذلك، أمير الأحزان هدف سهل آخر، ولا عجبَ أن ترى هجمةً جماعية عليه لأن شرارة نصيحة رغم ما بها من حدة كانت كافية لينطلقَ المنتقصون، والمتهكمون، لتعكير صفو إنسان لا يمكن سوى أن يوصف بكلمة: طيّب!

ونعم، هذه هي الحياة، الطيبون يسقطون أولا!


هنيئا لكهنة الصوابية ضحيتهم الجديدة!