بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 سبتمبر 2025

القول الفصل في حالة المهذون الأكبر!

 

سلسلة نقاط وحروف: 

 

 

عزيزي القارئ:

لقد أخذت هذه التدوينة ست سنوات كاملة من الاختمار، واحتاجت إلى عُمر جديدٍ أعيشه، وحياة طبيعية أجربها، وإلى مئات الساعات من التأمل والتساؤل، وثلاث سنوات من علم النفس، وعشرات الساعات من النقاشات، وعشرات الجلسات من العلاج النفسي، وتعافٍ تامٍّ من الإدمان، وعلاج دوائي مستمر منذ ست سنوات، واستقرار عائلي، وزواج، وأخيرا عالم الأبوَّة وميثاقه الغليظ، ومسؤولياته الوجودية المقدسة. لكل هذا، هي تدوينة تمنيت أن أملك الموضوعية لكتابتها منذ عودتي لعُمان، واحتاجت عشرات المحاولات حتى يفتح الله عليَّ اليوم وأنا أقود السيارة بأفكارها، وفقراتها ومعظم سطورها، وكل معانيها.

 

اليوم فقط وضعت النقطة الأخيرة التي تحسمُ أمرَ معاويةٍ رواحيٍّ من التجليات المتعددة لوجودي في الحياة. الشاعر لبعض الوقت، الكاتب يوميا، المؤثر اجتماعيا، المشاكس سياسيا، والمريض نفسيا، والمجنون رسميا، العبثي، المغامر، المهاجر السابق، والمدمن لسنواتٍ على أنواع مختلفةٍ من المخدرات، فضلا عن السجين في دولة أخرى، وزبون دائم لدى القسم الخاص، وبين الفترة والأخرى في حجز شرطة عمان السلطانية، فضلا عن زنزانة وأقسام التنويم في المسرة. حياة معقدة فعلاً، من السخافة أن أصدق رأيا ضحلا عابراً من إنسان يحب تأطيرها في جملتين، أو أن أعتمد على شهاداتٍ متحيزة معي أو ضدي.

من السهل أن تقول أن معاوية إنسان موهوب، فهو حقا موهوب، له قصائد جميلة، وله كتابات جميلة، وبين الفينة والأخرى يخرج بمقالات جيدة، وينشر كتباً، ومتحدث لا يخلو من الطلاقة، ومؤخرا طالب علم نفس يمارس الصواب العلمي قدر طاقته واستطاعته. لديك ما يكفي من المعطيات لكي تتبنى وجهة النظر عن (معاوية الجيد) وبالتالي عزيزي (الآخر) ستذهب مذهب الأمل والتفكير الغفراني وستقول: شخص انتكس، وعاد لجادة الصواب، (وتاب) كما يحب البعض وصفها. تعامل لطيف، ونبيل، وبه غفران، لكنه ليس بالضرورة الحقيقة كاملةً، ليت الأمور بهذه السهولة لكي نفترض أن الكائن الذي ذاق طعم الشر ظالما ومظلوماً يمكن مسح خطاياه بهذه السهولة.

 

من الجانب الآخر لديك معاوية آخر، وهو أيضا حقيقي، انتقامي، شرس، خارج السيطرة، يصاب بالهلاوس العلنية، أخطأ في حقِّ أمِّه، وأبيه، وعائلته، والسلطان قابوس، وسماحة الشيخ، وقائمة طويلة جدا قليل منهم من كان يستحق الهجوم، وكثير منهم ضمن سعيٍ هائل لتدمير الذات. معاوية الظاهرة المرضية التي لها تشخيصان اثنان عادةً يلفان ويدوران حول ثنائي القطب، واضطراب الشخصية الحدية. لذلك، أن تؤمن بوجود (مختل عقليا) أيضا لديك معطيات كثيرة، تسمح لك أن تتوصل لتأطير ناقص عن حياة طويلة.

 

تمزقت كثيرا في حيرتي بين هذين الشخصين. كلاهما صحيح، وكلاهما خطأ. وعجزت عن الكتابة الموضوعية لسنوات لكي أضع النقاط على الحروف، لكي أوضح لكل طرفٍ في حياتي خلاصتي النهائية التي صرت متيقنا منها تمام التقين. وهدف هذا المقال هو تحليل حالة أخينا (المهذون الأكبر) مع معاوية الرواحي (المؤثر الاجتماعي) مع معاوية الإنسان الذي حيّرني بما يكفي من الوقت.

 

سبب كتابتي للمقال هو أن أتحمل مسؤولية أفعالي. فقط حيث كنت مسؤولا عن أفعالي لا غير. بي جانبٌ أيضا أؤمن تمام الإيمان، كأي طالب علم نفس ويؤيدني في ذلك الأطباء، واللجان الطبية، والقانون، والادعاء العام، والقضاء في بعض الحالات، هناك جانب أنا حقا غير مسؤول عن أفعالي.

وهنا كان المأزق الكبير، من السخافة أن أتبنى سياسة (مريض تراني سامحوني) لم أفعل ذلك يوما ما، لأن تأطير حياة من الكتابة، والإنتاج المرئي، والكوميديا التي أعتز بها كثيرا في كلمة (مريض) شيء لا أقبله منطقيا، ولا موضوعيا.

 

كذلك لدي حقوق، ومن ضمنها في هذه الحياة أنني حقا أفقد السيطرة على نفسي، وما أفعله تماما ينطبق عليه صفة (المرض العقلي) وهذه حالات لم تتجاوز يوما ما ستة أسابيع كل عدة سنوات من حياتي! هذا هو حجم خروجي عن حالة السواء العقلي، ولكن ست أسابيع، لكاتب غزير الكتابة، وشخص قادر على تصوير بث مباشر مدته (22) ساعة متتالية!! يومان يكفيان تماماً لأسبب عاصفةً يبقى أثرها في الإنترنت لسنوات وسنوات، وهذا الذي يحدث لي الآن، وقد حان الوقت لكي أواجهه، والطريقة الأولى للمواجهة الممايزة بين ما كنت حقاً أعنيه، لأسباب فكرية، وأفعله وأنا بكامل قواي العقلية، وقصدي، وإصراري، وبين ما كنت أفعله وأنا فعلا كما يقول الشرع والقانون (معذور).

 

قبل أن أدخل في هذا التفصيل، هذا التمهيد جزء ضروري من هذا البيان للناس وللعالم، أدخر فيه ما يكفي من الإجابات لكي لا يجد غريبٌ يوما ما فجوةً يحتاج إلى إجابتها، غريب يريد أن يتعامل معي، أو يعمل معي، أو اضطرته الحياة ليكون معي أو لأكون معه. أستطيع الآن أن أقول بالفمِ المليان على عدة أصعدة ما يلي:

 

- على الصعيد الطبي القانوني: من 23 سنة من الوجود الرقمي، لم أكن في حالةٍ تُسمى رسميا، وطبياً (معفيا من المساءلة الجنائية) أكثر من مرات محدودة وأسابيع محدودة في عُمري كاملا. عدة حالات حدثت قبل عام 2012م كانت بلا مشاكل، وبلا جرائم إلكترونية، وحُلت في المستشفى، وعدة أسابيع عام 2012م، وعدة أسابيع عام 2014، وشهر ونصف عام 2015م، وشهران متتاليان عام 2017، أسبوعان عام 2019، وشهر ونصف عام 2020م.

 

هنا أنا متأكد منطقيا، وعلميا، وقانونيا، وبالتجربة، وبالتخصص، وبالدراسة، وبشهادة الأطباء، وبالقانون أنني بلا أدنى ذرة من الشك كنت في حالة مرضية تسمى حالة الهوس الكبرى، ومعظم ما حدث فيها لا أتذكره كثيرا، فضلا عن كونه في محيط من الهلاوس العميقة، والذهان، وعدم الترابط.

 

حسمنا الجانب المرضي، فهل جئت لكي أقول لك عزيزي القارئ: قم بتعميم هذه الفترات على أخطائي العامة؟ وبالتالي توصل إلى غفرانٍ تامٍّ لي؟؟ هذا خطأ موضوعي جسيم، وقعتُ فيه أنا نفسي قبل أن تمر هذه السنوات لتسمح لي أن أعرف ما لي وما عليَّ في هذه الحياة.

 

هناك مشكلة أخرى بمعاوية، لن أقول السابق، لكن أقول النسخة السابقة. مشكلة فكرية عميقة، المرض كان عاملا هامشيا للغاية في مشكلته، فحتى عندما تثور ثائرته، ويرغي ويزبد، لم تكن هذه لحظات مرضية دائما، يعني ليست كل أخطائي حدثت وأنا في حالة من المرض، هناك أخطاء، وجرائم رقمية، وتجاوزات أخلاقية، وتجديف في الذات الإلهية، وإعلان للإلحاد حدث وأنا بكامل قواي العقلية، وهنا مشكلة تلك النسخة من معاوية الفكرية، والسلوكية، والأخلاقية أيضا.

 

سأترك الجانب الشخصي، فهو لا يخص أحدا وسأكتفي بالحديث عن الجانب العام، كجزء من العقد الاجتماعي بيني وبين الناس الذين أعيش معهم وبينهم.

من المنتديات، إلى المدونات ظهر اسم (المهذون الأكبر). وفي الحقيقة الدامغة، هو اسم لإنسان يمارس الكتابة الساخرة، ويجعل من العالم (هذونةً) لكل تلك الرغبة العميقة التي به في أن يكون (ستاند أب كوميديان). نعم هكذا بكل بساطة، شخص لسنوات وسنوات يلتهم مئات الساعات من الكوميديا، ويكاد أن يسمّع لك جميع عروض دان هورن، ورون وايت، وديفيد ستراسمان، هذا كان حلمه في الحياة.

ثمَّة فرق كبير بين أن تكون فكاهيا ومرحا، وأن تكون كوميديا. الكوميديا أصعب، واعلى مراتب حرية التعبير في الحياة. الضحكة فعل لا واعٍ يتجاوز وعي الإنسان إلى لا وعيه، أنت كإنسان لا تضحك بإرادتك.

هذه هي القناعة المقدسة التي لم أتغير عنها حتى هذه اللحظة، الذي تغير هو إمكانية عيش هذه الحياة بشكل حقيقي. هذا هو سبب اللقب الذي خسرته لاحقا (المهذون الأكبر) والذي احتلّه في عمان شخص معروف في الساحة لكنه لن يحب أن أطلق عليه لقب المهذون الأكبر لأنه حرفيا أكبر من يمارس (الهذونة) في عُمان، وجمع صفات الكوميديا، والتدوين، وعدم الواقعية كلها. الصفات التي أدركت أن طريقتي في تناول الحياة بالكوميديا غير ممكنة في عمان، فتخليت عنها ضمن ما تخليت عنه فقط لأعيش بعيدا عن العناد الفلسفي أن سقف التعبير في عمان سوف يكون مطابقا لسقف الكوميديا في أمريكا، مستحيلٌ في مستحيل، في مستحيل، على كل الأصعدة الاجتماعية، والسياسية، والقانونية، والدينية، والعُرفية.

 

هُنا، فعلت كل ما فعلته وأنا في حالة تامَّة من السيطرة على عقلي. الكوميديا لحظات إبداعية صافية، تحتاج إلى عقلٍ مستقر، ولذلك كل ما كان يفعله (المهذون الأكبر) لم يكن مرضيا، لم يكن خارج السيطرة.

لم تخل مسيرتي في الهذونة من شخص يحوم حول الحمى، وكل هذونتي في عمان لم تشكل جرائم نشر، كلها بلا استثناء، فقط عندما وجدت نفسي في بريطانيا، هناك انطلقت المواد الهذونية خارج السيطرة، وحرفيا من أجل نكتة جيدة لا أعبأ مطلقا بالعواقب. لذلك، هل كل (مقاطع) معاوية الكوميدية كانت تحت طائلة مرض؟

كلا، كانت تحت إيمان عميق في عقل يتراوح بين العدمية والرغبة في التغيير، وبين اليأس من العودة لعمان والأمل شبه المستحيل في العودة إليها. لا يوجد أي عذر طبي لي، ولا أي عذر نفسي، فعلت ما فعلته لأنني حقا كنت أفعله بشكل متعمد، وكل نكتة تعتبر الآن جريمة نشر في عمان قلتها وأنا بخير، لست تحت طائلة نوبه، وكثير منها بالمعايير الكوميدية حقق نجاحا كبيرا، نجاح للأسف لن أستطيع أن أعيشه في عمان.

 

الشيء المرضي الوحيد الذي فعلا كنت أفعله هي تلك الأسابيع التي كنت أتفرغ فيها لأبي، أو أهاجم أمي بحجة (لماذا جلبتني للحياة؟) فضلا عن نزعتي التي كانت تميل لتحطيم كل شيء جيد والانتحار بعدها. هُنا أعذر نفسي، فقط لستة أسابيع كل عام أو عامين، غير ذلك باقي الفترة؟ هل كنت معذورا؟

قطعا لا:

تعرف أنني كنت في حالة مرضية فقط بأعراض سهلة الرصد. سريع الكلام، غير مترابط، أكتب لمدة تتجاوز 20 ساعة متتالية، أهلوس، كلامي غير منطقي مختلط بين الواقع والخيال، وعادة الكوميديا التي تصدر مني في تلك الفترة تكون سيئة وعدمية، وحتى الهجوم السياسي الذي يصدر مني غير منظم، غير مرتب، مليء بالبكاء، والغضب، والندم، والاستجداء، وباختصار حالة حقيقتي في الحياة تعاكسها تمام المعاكسة، وهذا بشهادة الخصم والصديق.

 

لحظة؟ هل أقول لك الآن كل هجومي على الدولة كان (مرضيا)؟ قطعا لا، أقول لك ستة أسابيع منه كانت خارج السيطرة، وبعض الناس للأسف الشديد هاجمتهم بالاسم لأسباب (تسمى عادة سياسية وهي ليست سياسية حقا) فضلا عن خروجي عن قوانين صارمة في كتابتي، وتجاوزي لحدود وضعتها لنفسي ككاتب.

 

هذه الفترة فقط كنت (معذورا) أما باقي الوقت فكنت أفعل ما أفعله بكامل قواي العقلية، وهناك كنت فعلا مزعجا، ومتعمدا، وبمقياس الجرائم الرقمية أو الأمنية ما كنت أفعله وأنا في حالة السواء التام جرائم أشد وطأة من التي كنت أفعلها وأنا في حالة من الهلوسة، والضعف، والهذيان بين الواقع والمنطق.

كلمة كامل قواي العقلية تشمل أيضا الكتابة أو البث المباشر تحت تأثير المواد المخدرة

سأخبرك لماذا:

ثنائي قطب، تصاب بنوبة تُكتشف لأول مرة: غير مسؤول جنائيا في حالة الكلام، أما المسؤولية المدنية فهذه حكاية طويلة عريضة، لكن عندما يتعلق الأمر بالتفوه بالكلام، نوبة كبرى = علاج قسري + لجنة طبية = لست مساءلا جنائيا.

 

ثنائي قطب مررت بتجربة أولى، ومجبر على تناول العلاج وتركت أدويتك دخلنا في منطقة رمادية صعبة للغاية بين القانون والطب واللجان الطبية.

 

ثنائي قطب، سجنت مرة، مجبر على العلاج، وتتناول المخدرات: مسؤول تماما جنائيا عن كل كلمة تكتبها، سواء كنت بعقلك أو بغير عقلك حكمك حكم السكران الذي غيابه عن التبيّن الواقعي لا يعفيه من مسؤولية جنائية.

 

لذلك، الجانب الجُرمي في مسيرتي في بريطانيا أنا مسؤول عنه جنائيا، وقانونيا بنسبة 100% لست بريئاً ومظلوما لذلك الحد لكي يظن البعض بي بحسن ظن زائد عن الحد أنني لم أكن غاضبا، أو ساخطا، أو انتقاميا، هذه الخصال التعيسة جزء من حقيقتي، والبعض للأسف الشديد يظنها مؤقتة، والبعض الآخر يظن أنها حقيقتي كاملة، وأنا كنت حائرا بين الطرفين حتى وجدت نفسي أخيرا جاهز للكتابة عن تلك التجربة بهذا اليقين التام.

 

مشكلتي الفكرية كانت هي أبرز معضلاتي، ولا علاقة للمرض بها. لم أكن أعرف من الأساس ما الذي أريده؟ ولم أكن أعرف أي شيء سوى أن أسبب الألم لمن سبب لي الألم، وبعدها عندما خرجت من ذلك الكائن الذي يسامح الجميع إلى كائن لا يسامح أحدا، هُنا خرجت أقبح نسخي للحياة. خرجت مرتين في عمان، وخرجت لشهور متتالية في بريطانيا.

تجربتي التي يسميها البعض (سياسية) لم تكن بريئة على الإطلاق، بها قدر عالٍ من التعمد، وبها قدر عالٍ من الشعور الرخيص بعض الشيء بأنني (لن أدفع ثمن كلامي فلأقل ما أقوله). الذي لم أفعله يوما ما هو أنني كنت جباناً فأحرض غيري على الذهاب لميدان لست أنا أول من يرمي بصدره فيه، ولهذا السبب رغم كل بشاعة ما كنت أكتبه عن عمان ثمة احترام خفي يُكنُّ لي لهذه الجزئية، يعني ممكن نسميها: قليل أدب، لكنه ليس جبانا.

 

أكتب ما أكتبه لأنني أنا مطالب أمام نفسي بأن أعرف حقيقتي. ولأن هذا البيان أتركه شاهدا عليَّ. أنا أعلم أنني أعاني من مرض عقلي جسيم للغاية، وفي الوقت نفسه علاجه سهل للغاية، حبتان من الحبوب يوميا، وضبط لجدول النوم.

ولكن من يحل المشاكل الفكرية؟ هُنا أخذ الأمر ست سنوات حتى أتبين أين كان الأمر فكريا، وأين كان شخصيا؟ وأين كان ضمن تجليات القبح في النفس البشرية، ولست بصدد جلد ذاتي الآن، بي من القبح ما هو قبيح ومن الخير ما هو خيّر.

 

بكل رحابة صدر الآن أغفر لنفسي أقبح أفعالي، أمي تسميني (كبير الشيمة) هذا لقبي. أشعر براحة هائلة لأنني أعرف أن ما كنت أقوله عنها كان تماما تحت طائلة لحظة مرضية، لأن أفعالي تناقض أقوالي. وكل ما أقوالي السيئة تتعارض مع أفعالي الجيدة أضعه تحت خانة (المرض) وأغفر لنفسي بسهولة، وأجد ممايزةً بينه وبين ما كنت أفعله نتيجة حالة من السوء السلوكي والفكري.

 

هناك عدة حالات شخصية أيضا لست بصدد ذكرها، لأنها شخصية، لكن سأكتفي بذكر ما له علاقة بالعموم، كقانون، كدولة، كمجتمع أعيش فيه.

 

كثير من مشاكلي كانت فكرية. ولست معذورا فيها، عرفيا، ولا قانونيا، ولكي أحل هذه المشاكل كان يجب أن أجد معيارا واضحاً. كيف أحل موضوع هجومي على والدتي، التي كانت تتجاوز باستخفاف كل ما كنت أنشره وأحذفه عنها وتقول (الله يهديك) فأصرخ فيها منفعلا: الله يهديك أنت، الله يهديك أنت! وبعدها طبعاً أبكي، ثم بث مباشر أهاجم فيه معاوية وأدينه بأبشع الصفات لعدة ساعات! هذا ليس فكر، هذه ليست خصال، هذا اسمه مرض!

 

لكن شخص بريء جدا، أهاجمه بدون مقدمات، لم يضرني يوما ما، وأبسط مثال الله يذكره بالخير الدكتور زكريا المحرمي، والمثال الآخر الدكتور عبد الله الحراصي! هل هذا كان مرضا؟ كلا! هذا له اسمه، لكنه ليس مرضا، وليس له عذر، ومن الخطايا ما لا يوجد اعتذار يمكن أن يعوضه.

أسماء أخرى أود ذكرها الآن وكتبت عنها عشرات المرات، الكتابة عنها الآن ستكون استعادة وإقلاق لها في حياتها لذلك لن أذكرها.

 

أما أهل الخبث، والمكائد، والألاعيب، وملاعين اللعب على الحبلين، والذين تسببوا في إيذائي، فقد نالهم مني في المرض وفي السواء ما نالهم، ولست نادما على ما قلته في حقهم وبيني وبينهم التربص ليوم يبعثون، هم أعدائي، وهم خصومي، وهم الذين يؤذون حياتي حتى هذه اللحظة، وبعض الأذى الذي يفعلونه اجتماعي وقانوني جدا، وأرد عليه بأذى اجتماعي وقانوني، وبيني وبينهم لحظة الكسر وبعدها أعرف أنني سأدخل خط اللاعودة، لن يهنأ من يتمكن من كسري بصمتي، ولتكن النهاية، إن كسرني، هانت الحياة وليكن التربص لنهاية العمر حتى ينكسر كلانا.

 

أكبر خطأ لي عندما توقفت عن الهذونة. كنت بخير حقاً عندما كنت في محيط إبداعي خيالي. أكتب يوميات كصحفي يعمل في جريدة اسمها (صوت الحق) كنت موظفا في مكتب وزير شؤون البلاط السلطاني، وكان ينتظرني مستقبل جيد. كنت أصول وأجول في عالم رفع سقف التعبير وكنت لا أخالف القانون، أغضب الناس، وأستفزهم، وواقعي وحياتي منفصلة تماما عن كتابتي وهذونتي. عندما أصبح كل شيء حقيقيا، هُناك خرجت نسخ عديدة من معاوية، وبعضها أنا شخصيا أخاف منها خوفا هائلا! أنا شخصية مركبة، وبها الكثير من التهشم. أنا حقا بقاياي، وهي باقيا كافية لأعيش في حياة بشرط أن أكف شري عن الجميع.

 

وفعلا، فعلتها، وكففت شري عن الجميع، الذي أعاني منه فقط هو البقايا الاجتماعية لكل من لا يؤمن بفرصة ثانية في الحياة. ولدي دفاعي عن نفسي.

 

- المواد السياسية الهجومية (أسميها سياسية مضطرا وإلا فهي ليست سياسية، لها ألف اسم إلا سياسية: حذفتها من حساباتي، والذي يستخدمها بدون إذني يهدف فقط للضرر، سواء يستخدمني ويرمي باستقرار في عمان في جحيم لأنه يريد أن يؤذيني، أو لأن شخصا ما يريد الوقيعة. جانبي القانوني سليم.

- المواد الكوميدية:

كما قلت لكم، هذه لم تكن صنيعة حالة مرضية. أنا فعلا أؤمن بسقف تعبير منطقي. ما كنت أقوله يقوله الجميع في حياتهم الحقيقية، المختلف أنني كنت أقوله علنا. ولكنني كنت مسؤولا، وجميع المواد التي تصنف (+18) كانت تبث في بث في اليوتيوب مخصص لهذا العمر.

لدينا الآن إدانتان: القانونية!

نعم هي جريمة نشر في عمان ولذلك حذفتها من حسابي.

ولكنني أرفض الإدانة الاجتماعية رفضا قاطعا: البث والفيديو منشور تحت خانة (+18) هذه مسؤوليتك أنت كولي أمر أن تمنع أي شخص خارج هذا السن من الوصول لهذه المواد! ليست مسؤوليتي.

والذي يدخل هذا البث يعرف جيداً أنه للكبار.

هل وضحت فكرة نظري! السؤال الآن: الذي ينسخ مادة من بث (+18) وينشرها؟ هذه جريمة من؟

فهمت أن الآخر في المجتمع غاضب من فكرة النشر، والكوميديا التي بها تجاوز بكل صراحة كانت أقل بكثير من سقف الممارس والذي يقال في المجتمع، فقط الموضوع مستوي (عجبة) لأنه قيل في اليوتيوب، لكن حقيقة الحياة في عمان، كانت تلك المواد تماماً مسالمة يقولها الناس حتى الذين لا يعرفون بعضهم البعض بدون حرج!

لذلك بيني وبين نفسي، أرفض هذه الإدانة، حتى وأنا (أجيب العيد) كما يقولون الآن! خصصت هذه المواد للكبار فقط. وحذفتها قبل العودة لعمان، قمت بالواجب الذي علي.

 

الدولة تعهدت لي بتعهد ووفت به، وفعلا تم ردع من حاول أن يستخدمني كورقة سياسية، أو يعيد تسييس وضعي. وبكل صراحة، الدولة، والأمن، والقانوني يطلع الجزء الأقل صعوبة في المعادلة، الجزء الصعب هو التشفي الاجتماعي، والأشخاص الذين لديهم حقد أعمى عليَّ ليس لسبب شخصي ولكن (كنموذج). هؤلاء ماذا تفعل بهم؟

 

أبسط مجادلة لما شخص يعيد نشر مادة كوميدية (+18) نشرتها في مكان مغلق للكبار فقط، في اليوتيوب في خانة مخصصة لذلك، قام هو بنشرها، وتداولها، واستخدم وجودها في الواتساب كحجة وكعذر!

لو جينا على محيط الانتشار الرقمي، هو فعلا يعزز حضوري الرقمي عند كل الشرائح بمواد كوميدية مستحيل أن أبدع مثلها داخل عُمان، لكن من الذي يتضرر من ذلك؟ لست أنا! يتضرر الذين حولي. ولنا في الحادثة الأخيرة التي شتمني فيها شخص اسمه عبد الله النوفلي بلفظة (كل حياته، منحط، وشارد). ليته قال (كان يقول كلاما منحطا) وقتها كلامه دقيق، ورأي، ليته قال (فيديو منحط) كان كلامه دقيق بالمعيار العماني، وكان رأي، لكنه شتمني شخصيا، وسآخذ حقي منه كاملا، هو وغيره الذين ظننت جاهلا أن سياسة العفو للأبد تصلح للأبد.

هل تتخيل لو عدت أنا لسابق عهدي بعد العفو السامي؟ هل من المنطقي أن أترك في حالي؟ سأدفع نكال الآخرة والأولى، ولذلك أحافظ على سلامتي، والحفاظ على سلامتي قانونيا ليس صعبا، الحفاظ على عقد واضح اجتماعيا هذا هو الصعب جدا جدا في عمان.

 

 

هذا ما أدين به نفسي. هذا ما أدين به لنفسي، هذا ما أدين به للناس. غير ذلك، أرفض أن أدفع ثمن خطأ شخص آخر. حياتي الخاصة هي حياتي الخاصة، لا أقبل أن يعتدي عليها أحد، لا أعتدي على أحد، ويحق لي أن أرد العدوان عن نفسي.

 

مرضي موضوع هامشي للغاية أمام معضلاتي الفكرية. وهذه أخذت فوق 12 سنة من النحت المستمر فقط حتى حقا أستطيع تقبل الحياة الطبيعية، وأتوقف عن سياسة التمرد من أجل التمرد، فضلا عن سياسة: ابحث عن أقوى قوّة تدمرك!

 

أنا حقا شخص عاش حياة سيئة، واختياراته سيئة، ظَلمَ، وظُلم. أخطأ في حق بشر، وأخطأ بشر في حقه. هذه التدوينة لأفصل فقط جانب مسؤوليتي الاجتماعية والقانونية وفق منظور نفسي موضوعي، كطالب في علم النفس اجتهد كل الاجتهاد وفق ما عرفه أن يضع النقاط على الحروف.

 

لذلك، عزيزي الإنسان الآخر، عسى أن تجد في هذه التدوينة ما يكفيك لتعرف جوانبي كلها، السيئة، والجيدة، وأين كنت أخطط بقصد، وأين كنت أهلوس خارج قدرتي على السيطرة على عقلي.

 

فكرة معاوية عبقري وبين العبقرية والجنون شعرة، هذا إطار شاعري رومانسي غير حقيقي.

فكرة أنه مريض ومختلف أيضا هذا تجنٍّ على الحقيقة.

فكرة أن كل شيء سيء فعلته سببه المرض أيضا شماعة غير حقيقية، لدي أخطائي الفادحة، وخصال بعضها يجب أن يسيطر عليه في حياة جيدة ومنتجة ونافعة وإلا فإنها ستذهب للشر لا محالة.

فكرة أن أحول لشيطان من الألف للياء كراهية عمياء، ويحق لمن يكره أن يكره فقط لا يحق له أن يظلمني حقي.

 

هذا ما للناس، وما لنفسي فهو لنفسي، حقي في الحياة، حقي أن أعيشها، وحقي أن أحاول، ومن له حق معي ويريد اعتذارا فله اعتذاره فقط إن كنت أخطأت في حقه من جانب واحد. ومن أراد تعويضا، فليطرح مجادلته ولنحتكم إن لم نتفق. والذي أراد انتقاما، فقد اختار جانبه السيء أن يختار جانبي السيء، وما حيلة المضطر سوى الصدام.

 

لست مع سياسة عمان، لست ضدها، لست مع حزب فكري ولست ضد حزب فكري، أعيش فردا يحاول عيش فرصه وظروفه ويحاول النجاح والحياة ويسعى لإكمال ما تبقى له من سنوات في محيط طبيعي. لا أعتدي على أحد، وأرفض أن يعتدي أحد علي. كنت المهذون الأكبر عندما كنت سعيدا، عندما كنت حقا لامباليا، وكنت متخففا من أعباء الحياة والمسؤوليات، الآن! لم يعد هناك هذونة، ولا كوميديا، فقط مغالبة للحياة، وتقبل تام للممكن من الكلام في عمان حالي حال الجميع.

 

 

وأخيرا خلصت هذي التدوينة الصعبة.

 

والله خير حافظا، وهو أرحم الراحمين

 

انتهى