بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 25 سبتمبر 2025

الإجابة سيكومترية مبدئيا

 من الأمور التي تدعو للتفاؤل لكل إنسان يعاني من غربة علم النفس وفهمه. أن اختبار توماس للسمات الشخصية سيتم تطبيقه على مستوى واسع جدا جدا في عُمان، أتحدث عن أكثر من ستين مؤسسة.


اختبار سيكومتري يطبق في عُمان! لي ثلاث سنوات وأنا أخطط بشحوب لأنطلق في هذه الفكرة على محيطي الشخصي الضيق، وبعد عامين من الحصول على رخصة توماس الدولية كانت الخطة أن أنطلقَ في هذا المجال بعد التخرج!

تجري الرياح أحيانا بأجمل ما تشتهي السفن! من جانب لا أود مطلقا أن يفوتني تنفيذ هذا المشروع، ومن جانب أتمرن في الشركة المنفذة له، ومن جانب لدي تناقضان بين عالم الدراسة والعالم المهني، وأهلا وسهلا بالتكييف الجديد للسلوك. تحدي بإذن الله سأعبره بخلاصاته.

الذي أحبه في اختبار توماس هو معقوليته. أولا هو اختبار علمي طوّر لأربعين سنة من الدراسات والتطبيق، والشيء الآخر قابلية تنفيذه على نطاق واسع ممكن للغاية. صارم علميا، ولكنه معقول للأفراد والمؤسسات، ليس مثل تلك البرامج المخصصة التي تتجاوز قيمتها آلاف الدولارات، يمكن للفرد الحصول عليه بقيمة معقولة، وطبعا المؤسسات تحصل عليه بقيمة رائعة للغاية لا يحصل عليها الفرد.

إن أجبت على الاختبار بصدق فهذه ليست فرصة لقياس نفسك فحسب، هي فرصة لجهة عملك أن تختار لك الموقع المناسب لك. ومتأكد أن نتائج توماس ستلعب دورا رائعا في تدوير الموارد البشرية، وفي إزاحة وإزالة مناطق الخلل في الدوائر، أو الإدارات. وهذه المرة ليست وفق رأي بشري قابل للتحيز.

التحديات أمام هذا المشروع واسع النطاق كثيرة، ولكن في الوقت نفسه البدء بالتفكير بهذه الطريقة الموغلة في الحداثة الإدارية هو الأمر الذي يدعو للتفاؤل، ليس فقط لإنسان مهتم بالإدارة ورفع الإنتاجية، أيضا لكل إنسان مرتبط بعلم النفس.

أدعو جميع زملائي إلى النظر بجدية بالغة في هذا المجال الواسع والشاسع، من زاوية مهنية إنتاجية. جاءت من الله! يمكن لأي إنسان الحصول على رخصة دولية في اختبار توماس، وأن يقيم وبنجاح تام، لا أريد نشر رسائل غير دقيقة، لكن أن تكون خريج علم نفس، لديك مجال آخر لتطبيق مهاراتك في جوانب أخرى في وظيفة واحدة.

أتمنى حقا أن أرى الأخصائيين النفسين يعملون في سوق العمل، ليس كما يظن البعض، يعالجون القلق الوظيفي، وهذا نعم دور مهم، لا يمكن التخلي عنه في مهن كثيرة أبسطها العسكرية، والطيران. لا أقصد الجانب العلاجي، ما يمكن لأخصائي نفسي، أو لاستشاري سلوكي أو غيرها من التسميات أن يفعله في شركة صغيرة سيحقق نتائج مع وجود الأدوات المختلفة، والعمل بطريقة علمية وإزاحة التحيز البشري.

وجود أخصائي نفسي يجيد استخدام مجموعة من الأدوات السيكومترية (الكمية/الحسابية) وفي الوقت ذاته مع القدرة (النوعية) يصنع مستشارا للإدارة العليا، وأدوات لقياس إنتاجية الفرق، وزاوية داخلية مرتبطة بالسلوك والسمات الشخصية، فضلا عن ما يمكن فعله للتغلب على عوارض أخرى لها علاقة ببيئة العمل، ومستوى الضغط الذي به، بل وحتى معدات السلامة، وقياسات أخرى ضمن العوامل البشرية.

أتمنى حقا أن ينضم خريجي علم النفس لسوق العمل، بدلا من هذا المسار التقليدي المبني على العلاج ثم العلاج. وهو مجال يكفي لإنشاء حياة جيدة ومربح أيضا. خريج علم نفس في وزارة يساعد على حل مشكلات الفرق وتقييم الأداء (ليس برأيه الشخصي) وإنما بمنتج متفق عليه ومعتمد عالميا توماس مثال واحد على أدوات أخرى كثيرة لها استخدام آخر.

خريج علم نفس في شركة، وخريج علم نفس في مصنع. حداثة إدارية تدعو للتفاؤل، ستعطي أثرها مع السنين، وتصنع نمطاً يصوب مسارات كثيرة، ويشخص مشكلات إنتاجية، ويصنع أنماط عمل مختلفة، وأيضا يتحقق من السلامة النفسية في بيئة العمل. وهذا فقط غيض من فيض لما يمكن أن يفعله خريج علم نفس في سوق العمل فقط لو فُهم دوره الصحيح.

أكثر من ستين جهة سوف تطبق اختبار توماس لجميع موظفيها!!! يبدو الأمر مثل حلم يقظة لم أتوقعه يوما ما! سيبدو كلامي الآن غير مفهوم، النتائج سوف تتتحدث، ليس الآن، مع الوقت، وبعد تجاوز التحديات.

أتمنى حقاً أن تبدأ شركات ووزارات بدور ريادي في تفعيل هذا الجانب، الأدوات موجودة، والمؤهلون موجودون، هي فقط غربة علم النفس ودراسته وتطبيقه الحاجز الأكبر الذي يمنع كثيرين عن فهم الدور الإنتاجي الذي يمكن لأخصائي أن يفعله في مؤسسة. ليس (لعلاج) الموظفين، ليس ليفتح مكتبا من أجل (الفضفضة) كما يتوهم البعض، ليس لأنه (يعالج) بل لأنه يقيم، ويوضح، ويشخص، ويدرس، ويدير أنظمة، ويستخدم أدوات مع امتياز الدراسة الأكاديمية والتخصص، وربما لاحقا الدورات المرتبطة بمحيط عمله. استثمار لا يخيب فقط في حال تحقق الثقافة المناسبة التي تستوعب وتفهم جيدا دور أخصائي نفسي في مصنع، أو في وزارة، أو في شركة صغيرة أو كبيرة.

تسمية (أخصائي) نفسي لعلها بحاجة إلى تغيير، ولكن لا تهم التسميات، المهم هو أن يفهم العالم أن هذا العلم لا يتعلق فقط بالعلاج، وأن استخداماته هائلة وشاسعة، وهي رحلة قضية مستمرة للنفسانيين، لا تتوقف، ولن تتوقف.

اعتماد اختبار سيكومتري لعشرات الآلاف من الموظفين! هذا ليس خبرا رائعا فحسب، ليس انطلاقا إداريا لتفكير حديث، بل هو أيضا إزالة لغربة طويلة للغاية عاشها كثيرون وهم في حالة غيظ من عدم فهم العالم لهم!

جاءت من الحياة هذه المرة، لم أشعر بغربة أقل كطالب يتخصص في علم النفس مما أشعر بها في هذه اللحظة. وهي توافيق إلهية بحتة غير مخططة، أكتشف كل هذا فقط وأنا أقدم للتدريب في الشركة المنفذة لكل هذا المشروع الشاسع!

كلها أقدار، والله يكتب لي حسن النية وحسن التنفيذ.

والحمد لله على كل حال