بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 سبتمبر 2025

تشارلي كيرك يعود لخالقه!

 

 

للخصومة الفكرية مع خصم على قيد الحياة قانونٌ وأعراف. قد تكون منصفاً وعلى قدرٍ عالٍ من الموضوعية لتبقي هذه الخصومة فكريةً. وقد تفقد قدرتك على لجم عواطفك فتأخذ خصومتك إلى عالم الشخصنة. وخصمٌ تعرفه، ولا يعرفك يختلف عن خصم تعرفه ويعرفك. والتصنيف الأوَّل هو الذي يجمعني مع تشارلي كيرك الذي عاد لخالقِه باغتيالٍ لا يمكن أن يوصف سوى بالصادم، والمروَع. وتتصاعد طبقات الصدمة إذ يحدث ذلك في تلك الدولة التي ظنَّ العالمُ بها طويلا أنها منبر الحريات، وحافظت على قداسةِ التعبير عن الرأي حتى جاء هذا الزمان الأمريكي الغريب، وحدث ترامب، وحدث بايدن، وحدثت غزوات بني ليبرالي، وانشطرَت أمريكا إلى قسمين.

 

بدأت بمتابعة تشارلي كيرك مع سطوع نجوميته. كان ذلك الضيف الذي يمر على المواد الفيروسية التي تجود بها خوارزميات المنصات الرقمية الإدمانية كالانستجرام. متحدثٌ مفوَّه، مسيحي، مؤمن بالدين، يدافع عنه، لا يشرب، وينادي بكثير من القيم المحافظة التي لا تخلو من جماليات تحتاجها الولايات المتحدة الأمريكية، جماليات مثل العائلة، ومثل حق الاختيار. وعندما أقول جماليات، لست هُنا لأتفق معه في مصدرها، فنهايات أفكاره تذهب أيضا لإلغاء فلسطين، والدفاع المستميت عن إسرائيل، وبقدر ما هو في الواقع إنسان غاية في اللطف، والتهذيب، ولا يخلو من كونه خجولا يحب ويريد الخير للناس، هناك كائن سياسي، ميكافيللي، يخطط، يحشد الحشود، ولعله كان نجماً صاعدا في سماء المحافظين الأمريكيين، ولم أكن لأستبعد أن يكون مشروع سيناتور وربما رئيسا أمريكيا بعد أن ينضج في فرنِ المؤسسة السياسية الأمريكية.

كان تشارلي كيرك بالنسبة لي بديلا تعليميا رائعا في فن المجادلات، والحلم والصبر، والقدرة على ضبط النفس، ما عدا حوادث نادرة بسيطة جدا عندما كان يصرخ دفاعا عن نفسه أنه يعيش كرأسمالي بشكل حقيقي. يطوف من مكان لمكان، يتحدى طلاب الجامعات ولا سيما من اليسار الليبرالي العجائبي الذي غير خارطة الحريات في أمريكا، والعالم، وصنع كُل الأجندات التي تصيب العالم بالقلق على ما تفعله أمريكا ثقافيا بنفسها وبالعالم. يبقى أولا وأخيرا، صاحب رأي، ولذلك لا تجد غضاضةً أن تكره ميكافيليته، وكإنسان بعيد ولستَ أمريكيا، ستجد مادةً أفضل من فجاجة بن شابيرو وإلغائيته، وغيرهم من النموذج نفسه من نشطاء اليمين المحافظ أو من المستحيل تصنيفهم مثل مايلو يانابولس. بالنسبة لتشارلي كيرك، هو مسيحي يستخدم المحاججة السياسية، ولا يخلو من علمانية عميقة تكاد تختفي سياسيا إلا عندما يبرر مواقفه الأخرى كموقفه ضد الإجهاض. ظاهرة صحيةً يمثلها محليا داخل المجتمع الأمريكي بيساره الغريب الجديد، وظاهرة مفزعة على الصعيد العربي العالمي والصدام الإسرائيلي الفلسطيني بكل ما فيه من تبرير، وتجنب تامٍّ لأي إدانة أخلاقية أو قانونية لما تفعله إسرائيل من جرائم لا حصر لها.

عندما وصلني الخبر كان ناقصا! كان يشي بمحاولةٍ لإيذائه، وبخاصية التعجل المعرفي وإكمال النموذج ظننت أنه صدام جسدي بينه وبين غاضب من الطلاب الغاضبين! بعد عودتي للمنزل يتضح لي أنَّ تشارلي كيرك قد مات حقَّا. وكم من المشاعر الغريبة حقا التي يصاب بها المرء بعد خبر وفاة إنسان كل ما فعله هو "النطق بآرائه" وأين يحدث ذلك؟ في الولايات المتحدة الأمريكية؟ المتشنجة في تعديلات الدستور، وحمل السلاح، وحرية التعبير، وحرية اعتناق الدين! لا أعرف لماذا أصبح الأمر غريباً، الشخص نفسه الذي كنت أكره سحنة وجهه عندما يظهر بتلك الابتسامة المتعجرفة، ذلك الشخص الذي كنت أشعر بالحبور للإحراج الذي تعرض له في مناظراته في جامعة أكسفورد أصبح لسبب ما أو لآخر إنسانا يستحق أن أذكره باحترام ما، احترام غريب حيال إنسان ماتَ مؤمنا بفكرته، حتى وإن كنت تكفر بفكرته، حتى وإن كان ما كان من يمين أو يسار. الذي قتل هو صاحب رأي، قبل أن يكون يمينيا وقبل أن يكون يساريا.

الجدال الفلسفي حول علاقة الآراء بالأفعال لا يتوقف. لم يكن تشارلي كيرك بريئا، ولم تكن مواقفه السياسية تستحق أي احترام إنساني رغم جماليات طرحه عندما يتعلق الأمر بحياة الأمريكيين، وحق المحافظين في الحياة وفق مبادئهم ووفق دينهم. ولا يخلو كل من آمن بالمشروع الليبرالي من شعور عارم بالخيبة على ما آل إليه الحال من تشويه للحقائق، ومن تشويش لحياة البشر، بنظام شمولي رقابي يجعلك تتساءل، هل هذا هو اليسار الذي بقي لسنوات تحت بطش المحافظين واليمين؟ اليوم تنقلب الآيات وتخرج لنا الدروس والعبر لتثبت لنا أن الأيام دول.

لم يقد تشارلي كيرك عصابات مسلحة، ولم يحمل معه سوى ذهنه، وفريق إعلامي، ومشروع سياسي، وربما إن واصل طريقه المحافظ للنهاية كان سيكون نفسه الرئيس الأمريكي الذي يوقع أوامر الموت والقتل لجيش دولة قتل الملايين، واحتل دولا، وأباد قرى، بل وكان من الفجاجة بمكان أن يحتل دولةً نتيجة أخبار هشّة عن أسلحة غير موجودة! وما خفي أعظم بلا شك، ولكن لا جدوى من تخيل ما خفي وظاهره لا يقول أي شيء عنه.

مات تشارلي كيرك، ولست أفهم ما الذي تغير بي تجاهه. خفتت الكراهية وحلَّ معها شعور بالتعاطف مع ضحية اغتيال غادر. تشارلي كيرك الذي كنت أكره ابتسامته المزعجة أصبح اليوم قتيل رأي! ما أعجب النفس البشرية، نفس تشارلي التي عاشت واغتيلت، ونفس قاتله الذي أجاب على رأيه برصاصة والأعجب أنَّه خلّده وخلّد مدرسته لأجيال وأجيال ربما! ونفسي أنا التي ليس لها من الأمر من شيء بين تشارلي، وقاتله، وأمريكييهم الذين أتابع أخبارهم السياسية من بعيد! لا توجد حقيقة موضوعية سوى أن صاحب رأي قد اغتيلَ في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا توجد حقيقة موضوعية سوى أن ذلك الذي كنا نحب أن نكرهه ماتَ ميتةً حقيقة، من أجل أفكاره، ومعتقداته، وبغض النظر إن كنت خصما لأفكاره، أو حليفا لها، يمكنك أن تنصف خصمك بالاحترامِ الذي ستكنه لنفسك لو كنت أنت الذي ماتَ مؤمنا بأفكاره ومعتقداته. عاد تشارلي كيرك لخالقه، وبقي الأحياء في هذا الكوكب البشري الغريب، وفي هذا الوضع العالم الملتبس بكل نبؤات الحروب الكبرى التي به، وذهبت أمريكا التي نعرفها، ولا أحد يعرف، هل كل هذا اجتماع كائنات الشر والدمار ممثلة في نتنياهو ومن يحميه ويرعاه ترامب؟ أم أن أمريكا أصبحت بكل بساطة هكذا! مكانا مارس الموت خارج حدوده إلى أن بدأ يستمرئه داخل حدوده! بكل مقتي، وكراهيتي، ورفضي، واشمئزازي، واحتقاري لكل ما يمثله تشارلي كيرك سياسيا أستطيع أن أقول لهذا الخصم الميت، سوف نفتقد ذلك الوضع العادل المنصف الذي كان يجمعنا في حياةٍ واحدة، رحلَ وتركَ كل الأسئلة المعلقة عن ماهية الحرية حقاً في هذا العصر الذي نعيش فيه! وعن مآلات هذا الطاعون الأمريكية من التناقضات والانقسامات التي تتجاوزه إلى العالمِ لتصيبه بما تصيبه من ربكة. ونعم، ترامب حاول أن يجعل أمريكا دولة صناعية، ونجح في ذلك، نجح نجاحا باهرا في صناعاتٍ مختلفة، صناعة الانقسام، وصناعة التناقض، وحماية الإبادة، بل وحتى صناعة نشطاء مثل تشارلي كيرك ماتوا في سبيل قضيتهم. ثورة صناعية قادها ترامب، وليس تشارلي كيرك الأمريكي الأوَّل الذي سيدفع ثمن الانزياح الهائل الذي سببه نجم الواقع الأمريكي، البليونير الذي أصبح رئيسا لدولة من أقوى دول العالم، والاندفاعي الذي لخبط الأوراق الأمريكية، والتي لولا دستورها التي يحميها من بقائه للأبد لربما كان الآن يضغط زرَّه (الأكبر) ويختار الدولة التي ينسفها في الأرض نسفها، كما فعله حليفه، وصديقه نتنياهو الذي تحول إلى نازيٍّ حقيقي وأين؟ في كوكب القانون الدولي، وحقوق الإنسان! أولا وأخيرا، كل ما يحدث لأمريكا، يحدث أيضا للعالم أجمع! ومن يدري ما مآلات كل هذا الانقسام الأمريكي!

 

 

هموم طالب علم نفس: الإجابة سيكومترية فقط!


أعبر الوقت كأنني لست به! لا بداية حقيقية يمكنني أن أبدأ بها هذه التدوينة التي تناثرت في رأسي وأنا أقود سيارتي عائداً من اجتماعٍ عمليٍّ مرتبط بشكل وثيق بقراري تجاه مستقبلي في علم النفس. شعور هائل بالراحة لأن ظروف الحياة، والأقدار سمحت باستقبال خريجي علم النفسي خارج مكانهم النمطي العلاجي، ليس فقط لي كشخص سيتخرج في نهاية هذه السنة الدراسية، أو لزملائي الذين سبقوني.
خريج علم نفس في سوق العمل؟ ماذا عساه أن يفعل؟ كانت الأسئلة صعبة قبل أن ينطلق مشروع طموح للغاية به أكثر من ستين مؤسسة في عمان، حكوميةً وخاصة باعتماد اختبار توماس السيكومتري على عدد هائل من الموظفين.

خبر آخر، مهم للغاية يمر مرور الكرام على الساحة الرقمية، والساحة الإعلامية، ولأوَّل مرة أعذر الجميع. غربة علم النفس ليست سهلةً، والتصورات النمطية عنها تجعل المهمة أصعب. ومن الأساس كلمة (سيكومترية) بما فيها من جانب رياضي حسابي مرتبط بعلم النفس تحتاج إلى توضيح للمفهوم لكي لا يعاني هذا المشروع من التحيزات الموجودة مسبقا، وبالتالي يفقد دقته الإحصائية، وفوائده نتيجة عدم فهم دوره للفرد، أو للمؤسسة.

غربة أخرى لكنها قطعا ستكون أقل عن غربة الجانب العلاجي الذي فقد شاءت الصدف أن يفتح الباب لخريجي علم النفس بعد اعتماد الاختبارات السيكومترية كأداة قياس. نقلة تسحب مستقبل كثيرين، وتوظيف كثيرين، وترقيات كثيرين من التقييم الشخصي الذي قطعا لن يخلو من التحيز ويضعها بيد نموذج علمي يعامل الجميع سواسية.

عندما حصلت على رخصة اختبار توماس الدولية لتقييم السمات الشخصية قبل عامين، كانت هي خطتي البديلة. لم أكن أعرف أن الحياة ستجعلها خطتي الأولى الرئيسية، والوحيدة المتاحة لي حسب علمي في عمان!

مجال عدد المتخصصين فيه قليل، وقيمة مضافة أن تكون خريج علم نفس ومرخص لتقديم هذا الامتحان، لا داعي أن تكون خريج علم نفس لتأخذ الرخصة، أن تكون كذلك فائدة أخرى جميلة تمكنك من فعل أشياء إضافية في سوق العمل.

للأمر جوانب كثيرة تحتاج إلى تفرغ حقيقي للكتابة، وأيضا لساعات من العمل البحثي. الجانب الذي أنا متقين منه الآن، هو أهمية توضيح هذا الاختبار من حيث نتائجه. لا يوجد فيه مستويات، ولا توجد نتيجة أفضل من نتيجة. أفضل ما يفعله المرء هو أن يجيب عليه بصدق تام لأن صدقه في الامتحان ينعكس لاحقا على راحته في محيط عمله.

المنتجات التي أفرزها حقل الإدارة بالاستعانة بعلم النفس، أو حق علم النفس بالاستعانة بحقول الإدارية والقيادة وغيرها من الحقول العلمية المتشعبة كثيرة الجذور، كثيرة الأغصان، كثيرة الأوراق والثمار تعتمد على حجم الوقت والجهد والتكلفة التي يوضع للحصول على النتائج. ميزة اختبار توماس هو سهولة الوصول له من العموم الكبير، وفوائده مع الفرد والمؤسسة عندما يستخدم الاستخدام الصحيح، والأهم يُفهم الفهم الصحيح.

يجب أن يفهم رب العمل الاستخدام الأمثل لنتائج الاختبار. ويجب أن يفهم الموظف الاستخدام الأمثل، وأيضا الباحث عن عمل. والأدوات التي تمكّن ذلك متوفرة، ليس الجانب التقني هو التحدي الحقيقي، الجانب المرتبط بثقافة العمل وإحباطاته. شيوع الشخصنة، والتحيز، وتسلط (العقلية القديمة) التي تفضل وضع شؤون التقييم بيدها، التي تتعامل مع البيئة الإدارية وكأنها معركة نفوذ لا حالة إنتاجية عامة في مؤسسة تريد النجاح! نجاح الجميع طبعا!

علم النفس هذا الذي ولد غريبا، ويعيش غريبا يحمل إجابات كثيرة على أسئلة نوعية. ثمَّة إجابات كميّة، حسابية، تأتي على هيئة أرقام ورسوم بيانية، وهذه منها تولد الأنظمة الحاسوبية التي تعطي نتائج تنطبق على الواقع، ومنها يحدث الأثر، ويعطي قيمةً، ويحدث التغيير، وهذا حسنٌ كان بطيئا أم سريعا، تقليل الاعتماد على التقييم البشري دائما فكرة جيدة فقط ما دام البديل هو بديل علمي، يقف الجميع أمامه سواسيةً.

حاولت أن أشرح لصديق لي اختبار (توماس) ووجدت أن أمامي مهمة صعبة، فهو من الأساس يسأل السؤال الخطأ: كيف أنجح في هذا الاختبار؟ وهل يساعدني على الحصول على وظيفة أفضل؟

كيف أشرح له أن السمات الشخصية ينطبق عليها ما ينطبق على قول الشاعر: "ومهما تكن عند امرئ من خليقة، وإن خالها تخفى عن الناس تعلم"
لا يوجد نجاح، ولا توجد درجة عالية ودرجة قليلة، يوجد فهم للسلوك الذي من الأساس يمكن للآخرين مراقبته، ووصفه بالكلمات، الميزة الكبيرة أن النموذج مصمم بحيث يعطي حساباً متساويا للجميع، وهذا الذي يفتح باباً يوفر الوقت، والجهد، ويقدم إجابات من زاوية أخرى مغايرة عن تلك المبنية على النبش الفعلي في دهاليز الواقع.

ليس الاختبار هو الهدف، النظام الذي يأتي مع الاختبار هو الذي يحقق الفائدة. التعامل معه بفهم لأثره عليك كموظف، وللقرارات التي تتخذ من قائد. وطفقت أشرح لصديقي أهمية أن يتعامل مع هذا الاختبار كفرصة لكي يعطي كلماتٍ ومقاييس لسلوكه، لا أريد أن أقول (ليفهم نفسه) لأنها كلمة كبيرة ومطاطية كنت أحب استخدامها في سنواتٍ سابقة، لكن بعد دخولي هذا التخصص، تراجعت وخفتت وأصبحت أجد صعوبة كبيرة في استخدامها.


يا إلهي كم الموضوع كبير وضخم! يا إلهي كم الموضوع متشعب ومعقد، ويا إلهي كم تحتاج الكتابة فيه إلى ساعات وساعات لن يسمح بها ظرف عقلي المرهق الممزق حاليا بين التدريب العملي، ومتطلبات سنة التخرج، ووهذه السنة التي سأعيش فيها عقوبةً حقيقية! أنهيت جميع متطلبات مواد علم النفس! وأمامي عام في مواد البزنس! ولكن ماذا يفيد الندم، مرارة العقلم ستمر عليّ، كما استمتعت بفصول سابقةٍ، أدفع ثمنها الآن! سنة بلا مواد علم نفس! فعلا الأمور ستكون ترلَّلَلِي!

الأمر الآن عملي بحت. أحجز لنفسي موعدا لأقدم اختبار توماس، أعيد تمتين معرفتي في هذا الجانب كمجال عمل وليس فقط كمعارف لطالب يدرس، التعرف على منتجات جديدة في التقييم السيكومتري، وتوسعة هذه المعارف مع الوقت والحياة. يبدو أن التدريب العملي قد فتح عقلي على مصراعيه على هموم المهنة بشكل أبكر مما توقعت!

أغلقت عقلي لثلاث سنوات كاملة عن التفكير فيما أفعله بعد التخرج بشهادة علم النفس! والآن هذا التوجه الجديد غير خارطة الأمل، ليس لي فقط، لكل خريج علم نفس.

وجود أخصائي نفسي في كل جهة يتولى هذه الجوانب المرتبطة بالموارد البشرية سيصنع تغييرا حقيقياً. ولن يخلو عمله من تمكين هذه المدرسة التي طبقها العالم أجمع واستفاد منها. ونعم سيلطمه السؤال الدائم: يعالج الموظفين نفسيا! يا ساتر! لن تتعب الحياة من هذه اللطمة! لقد أصبحت جزءا يوميا من حياة النفسانيين!

وجود نتائج لاختبار توماس في فريق كفيل بكشف أشياء كثيرة عنه. ووجود هذه النتائج قبل تأسيس الفريق نافذة لاستباق وحل مشكلات قبل أن تحدث. هذه المحاور السلوكية الأربع (الحزم - التأثير - الثبات - الالتزام) ستغير استراتيجية إنشاء الفريق من الأساس، استخدام النتائج مع التقنيات الحديثة وحده شيء يستحق الاحتفاء به! بعيدا عن الكثير من (الجدعنة) التي تروق لبعض صناع القرار والنتيجة بيئة عمل خانقة أو غير منتجة!

أكتب جملة، وأتأخر عن كتابتها، أحاول ألا أستعجل الحماس الهائل وأن أركز على النقطة الأهم، على إجابة سؤال صديقي الذي سألني ذلك السؤال: كيف أحقق درجة عالية في اختبار توماس!
هذا ليس اختبار ذكاء، وليس اختباراً يمكن مقارنة النتائج فيه بنظام الأعلى والأفضل والأدنى، هذه فرصة لك لكي تعرف موضعك، وفرصة لكي تختبر نفسك من الأساس. وليس هذا الاختبار فقط، اختبارات الخصال الشخصية (الترجمة حالياً مرتجلة سأشتغل على موضوع تعريب المصطلحات في وقت لاحق). واختبارات كثيرة متيسرة في الإنترنت، تجعلك تعرف أحيانا لماذا تضغط على نفسك في شيء ليس من طبيعتك من الأساس.

ألف كلمة تقريباً، والموضوع لم يبدأ بعد. تراودني النفس على أن أجعل كتابتي عن تقييم السمات الشخصية مرتبطا بسيناريو نظري يمكن تطبيقه على الواقع. هذا الشرح مرهق لي، وأيضا ثمة قناة وصل معيّنة في اللغة والكتابة أحتاج لاكتشافها. قطعت شوطا جيدا في هذا النص التأملي وبدأت أكتشف همومي وأراها أمامي مكتوبة. خطوة جيدة للغاية.

بدأ المشوار الحقيقي، أبكر بعامٍ عن ما كنت أخطط له. حسمت موضوع التدريب العملي، وحسمت موضوع خطة سنة التخرج، وحسمت موضوع الخلاص من الجانب العلاجي، وجاء العالم بهذه الصدفة الجميلة جدا، ستون جهة ستعتمد اختبارا أفرزه حقل علم النفس، وعملت عليه حقول علمية عديدة، والعمل فيه هائل للغاية صعب أن يحاط به في مجلد كامل.

مئات الاستخدامات أصبحت ممكنة. لا أشعر بالحماسة، ولا بالإحباط، ثمة شيء في هذا الحقل يجعلك دائما مقاوما للسوداوية، وإلا فما مهمتك الحقيقية إن كان وجود المشكلة في حد ذاتها سببا لإحباطك، مهمتك أن تجد الحلول، وهناك يجب أن يذهب ذهنك.

حسنا، يبدو أن همومي المهنية المؤجلة كثيرة. سأراجع هذه النصوص لاحقا، متيقن أنني سأختلف مع نفسي في جزئيات كثيرة مع الوقت والتجربة، هذا ما أكتبه وأقوله الآن كطالب على وشك التخرج، كيف ستغير التجربة عقلي!!!

للسطور بقية!