بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 ديسمبر 2025

خاطرة جاءت على البال

 من أسوأ التشوهات المعرفية اللي كثير من الناس تظن إنها ما موجودة في عمان هي فكرة #الفرصة_الثانية ....


لما نسأل نفسنا، اللي ماشي صح؟ ليش ماشيء صح؟؟ أحيانا ما لأنه يسعى للفضائل لأنها فضائل في حد ذاتها. لأنه لديك سلاح مصوّب على رأسك، سلاح (تحطيم السمعة) .. والاغتيال الاجتماعي. واللي يمر بالاغتيال الاجتماعي ويستوي عبرة لمن يعتبر، هذا بالذات فكرة الفرصة الثانية له تكون معركة أصعب بمراحل!
بس هل الفرصة الثانية صعبة فعلا في عمان!

الذي لا يراه كثيرون، هو إنه الناس عايشة حياتها، وفرصتها الثانية، ووصلت لحالة من الاستغناء عن طلب الاعتراف من الذين لديهم الحياة عبارة عن (خطأ واحد). خريج السجن، يعيش حياته، ويجد من يقف معه، ويكون نفسه. المدمن المتعافي، يعيش حياته، ويجد من يقف معه، ويكون نفسه. الفرصة الثانية في عمان شيمة أصيلة في المجتمع، وهذه الشخصية الإعلامية العامة الجديدة ليست أكثر من بناء مثالي للأسف البعض يحاول أن يصنع به ما يسمى (الشخصية العمانية). مجرد وهم وزخرف!! يعني في سجن سمائل المركزي من قتلة؟ ومن مغتصبين؟ ومن مزورين؟ هذيلا ما عمانيين!!! مجرد تشوه معرفي آخر، ومحاولة لصناعة تمجيد لاتباع الفضيلة باعتبار إنها منتج قومي اجتماعي. كذبة أخرى بيضاء، ونعم لها فوائدها.. بس هي كذبة، وتبقى كذبة. من اللي يستفز من فكرة الفرصة الثانية؟ لدي تصور إنه الشخص اللي باني علاقته (بالتصرف بشكل صحيح) فقط نتيجة الخوف من العقوبة. لأنه يضرب معاه (جلتش)... هذا مدمن ياخي!! كيف تزوّج؟ من اللي تجرأ وزوجه!! طيب تراه ما خطب من عندكم، ولما يخطب، رفضه!! هذا لو القرار كان بيدك. خطاب الخوف صنع ناس متطوعين بالتنكيل المجاني في أي شخص يخطئ. والمشكلة ما إنه التنكيل بشخص في قلب الخطأ، مع إنه هذا ما سلوك بالضرورة مفيد، المشكلة إنه التنكيل بعد نهاية الخطأ!! يا سلام!!! البعض يعتبر هذيلا نادي التنكيل الاجتماعي المتطوع وكأنه لهم دور مفيد في المجتمع، بينما الذي يحدث فعليا هو إنه معك مدمن مثلا!!! كيف يرجع للمجتمع من الأساس وأنت جالس تعاقبه بعد ما ترك الإدمان؟؟ وكأنك تقول لشخص: موه رأيك ترجع لسياسة الخوف؟ أنت ما أدمنت لأنك تخاف الشرطة!! هو خلاص، أدمن والسلام، وربما انسجن، وكل الحواجز اللي أنت تبنيها عشان فقط ما تجرب سيجارة حشيش هو تجاوزها، وربما تجاوز ما هو أشد، هل هذا منطق؟؟؟ مجتمع عمان مجتمع عشعشت فيه فكرة الفرصة الثانية كطبيعة. والموضوع هو عقد اجتماعي، ولو الله كتب لك أن تكون من ضمن هؤلاء الناس أنت عليك أن تقوم بالذي عليك. أما هذا الواقع اللي تو، أستغرب من اللي يقول "تراه المجتمع ما يرحم" .. لا والله، هذا تشوه معرفي، المجتمع متعاطف، ومتراحم، ويرحم، ويساعد، ويشجع، وأسأل الله إنه كل شيء أنت تبنيه بالخوف ما يصير لك، بس حتى لو صار لك. السجين لما يجد الشخص المناسب، يبني حياة، ويعيش. المدمن، يبني حياة ويعيش، بس هي حظوظ وأرزاق، تطيح مع من؟ مع عائلة متفهمة وتبنيك؟ ولا عائلة أصلا تعرضت لهجوم من قبل نادي التنكيل والاغتيال الاجتماعي؟ لو كان شيء سيء في الظاهرة الاجتماعية، فهي حداثية الشماتة، وحداثية النظرة الغربية اللي استوردت. طبيعة المجتمع؟ تألف لي مجتمع من راسك، سوي ألّف. الفرصة الثانية في عمان ما صعبة، ولا مستحيلة، فقط عليك أن تقوم بواجبك. مدمن: تتقبل إنك تسوي فحص شهري، تتقبل إنك تغرس طمأنينة في كل الذين حولك، تتقبل إنك تمشي في خطة علاجية، تتقبل إنك تترك المساحة الاجتماعية الي تؤجج بك مشاعر التعاطي. سجين سابق: تتقبل إنك تمشي بشكل جيد، لو معك مشكلة عنف تعالجها، ولو معك قضية تزوير أو شيكات أو اتجار، تتقبل إنه هناك من (يرفضك للأبد) وتتعامل بإنصاف مع اللي يعطيك فرصة ثانية، وتكون أنت المجتهد عشان التطمينات تكون مستمرة. لأنه ما منطقي تبقى في موقف ضعيف ومستمر ودفاعي. هذا معناه أنت في بيئة غلط، وقد يرحمك الله بالبشر الواعين الذين يخرجونك من هذه الدوامة. وقس على ذلك. لذلك، لو شخص فعلا يقرر أن يأخذ بالفرصة الثانية، والتي هي عادة شبه الأخيرة، اعقلها وتوكل، أنت كم محتاج في حياتك؟ ألف شخص؟ ألف شخص طيب وأكثر موجودين في عمان، ويكفونك عشان تعيش، لكن لو جلست على الخوف، وصناعة الحواجز، هذا تشوه معرفي مركّب، يعني باختصار، ضيعت الفرصة هذي فقط لأنك خايف من اللي خايف! وما جالس (أرمسن) الخطأ والخطيئة. اللي جالس أقوله شيء عملي بحت، إلين تو، عمان دولة جميلة في بناء الأشخاص بعد هدمهم، أو بعد تحطيمهم أنفسهم .. مجتمع يحترم الظالم الذي يكف عن الظلم. مجتمع يقف مع المظلوم الذي يريد الفكاك من ظالمه. مجتمع فيه روح عميقة من حماية الناس من العودة للخطأ. بس لما نجي للمحيط العلني، هذه الحداثة فقط صنعت هذا المشهد الكرتوني غير الدقيق. ورسالتي للناس اللي معهم رسالة الخوف أولوية: أنت ربما ما معك في عائلتك مدمن، أو سجين، أو على قيلتك (مريض نفسيا) .. وربما لو معك، لعلك تسكت لأنك ما تريد تكون متطوع بالتنكيل الاجتماعي، وربما تبقي تحيزاتك بينك وبين نفسك. بس تراه الحياة ما بالخوف، واللي يعيش حياته الجديدة، أنت أوّل شخص يبتعد عنه، لأنك عامل ضرر، وربما أحسن لك تكون بعيد. خوفك قادك للفضائل، هنيئا لك، بس حتى لو انهار جدار الخوف اللي تحمي به نفسك، بعدني أقول لك: ليست نهاية العالم. اعقلها وتوكل ..
وكل التحية لكل من لا تعرفون عنهم في مجتمع المتعافين من الإدمان، الذين يعيشون قطار الإرادة لبناء حياة من القاع، تحية لكل عوائلهم، وتحية لكل إنسان لا ينظر لهم بمفهوم الحسرات والعبر!

الأحد، 7 ديسمبر 2025

مدون في المكسيك

 أجمل درس لي في المكسيك، هي الدروس الحقيقية اللي تعلمتها من سلسلة من الأزمات المتتالية اللي شفتها تصير. الظروف الصعبة تجعل القرار الصعب بيد من؟ بيد القائد فقط!

خلوني أخبركم عن تجاربي مع كل قائد في مجاله.


القائد الأول: بلا شك هو مدرب المنتخب، الذي لظروف كثيرة، منها حجز التذاكر، والسفر، الطويل، وعوامل مختلفة منها فقدان لاعب رئيسي، أفضل لاعب في العالم في نسخة كأس العالم سوكا مسقط 2024م. المعتصم الشهير بلقب (بوب). في النهاية أنت قائد ومدرب منتخب، لديك قائد في الميدان هو الكابتن. النقاشات العميقة التي كنت أخوضها مع نصر الوهيبي كانت فاتحة عيون على عالم شاسع كنت أجهل عنه كل شيء.

تجربة الجلوس في الدكة وحدها كانت تجربة عجيبة، وأيضا كيف تم اختياري لتقديم جلسة تحفيزية للشباب، هذا في حد ذاته فخر عظيم، أن أخاطب فريقا فاز بكأس العالم. 

أهم درس اكتسبته من نصر الوهيبي، أن البطولة ليست فقط مبارياتك، هناك التعرف على تقنيات كل الفرق. بعد خروج فريق من البطولة ينتهي عامل (التنافس) ولا يوجد حسد، كل فريق يتعلم من الثاني طرقه، وطاقمه، والأشياء الفنية التي فعلا تعلمتها من مدرب المنتخب. 

بولندا التي أخرجت المنتخب وصلت للنهائي، ومن المحتمل أن تحصل على اللقب، خسارة وليست هزيمة، ولا أحد يجب أن يشعر بالذنب، المباراة كلها تحسم بهدف واحد، لم ينهر الفريق. وفي نهاية المباراة محلل الأداء مباشرة ذهب لمدرب منتخب سوكا السداسي وقال له: أريد أجلس معك، أريد أفهم كيف أغلقتم علينا المجال تمام الإغلاق. ولذلك التجربة مستمرة، أثناء التنافس، والمعرفة بدون تنافس أوسع وأعظم! لذلك لم أشعر بنهاية البطولة هي مستمرة حتى هذه اللحظة الأخيرة.


القائد الثاني: محمد الهاشمي، الذي يعمل في وظيفة عجيبة غريبة في بنك صحار اسمها (نائب مدير عام الالتزام) شيء من هذا القبيل، كلما يشرحها لي أهز رأسي لأني فاهم عشان فكرة إني مثقف وإنسان فاهم ما أخسرها. لكن ما هذا موضوعنا. 

يمثل محمد الهاشمي الفكرة التي كتبت عنها قبل عام وأكثر، أن الرياضة تقوم فقط عندما القطاع الخاص يتوقف عن كونه القطاع القاص. عندما يستثمر في المجتمع، لذلك استثمر بنك نزوى عبر هذا الإنسان وزملاء له "في سلسلة من الأحلام" كما وصف أحد المعلقين في تويتر. من البراعم، براعم بنك نزوى. صنع محمد الهاشمي فريقا قويا، ولعدة سنوات كان ينال الوصيف، فاز في بطولتين لسوكا في عمان، الأولى بطولة الشركات، والثانية هي بطولة عام سوكا. 

هل رأيت الفكرة كيف مهمة؟ الآن بنك نزوى مستحيل يتراجع عن دعم فريق دائم له، لأنه ذاق طعم الكؤوس والبطولة؟ وماذا يحدث، الآن لدينا مؤسسة تصنع فريقا، وفي النهاية تصنع دخلا للاعبين، ومع الوقت، ومع شدة التنافس، تُصنع الوظائف لأن هذا السوق الرياضي يكبر، اليوم الشركات تدفع لفريق، غدا البطولات تنال رعايات، هكذا يكبر السوق الرياضي، ليس بالدعم الحكومي، لأن الدعم الحكومي غير استثماري، فقط يساعد ويدفع بالبدايات، الباقي يجب أن يكون سوقاً، وتنافسا، وعرض، وطلب، ورعايات، ووقتها نقول، رياضات الهواة بخير. لماذا؟ لأن سوكا مصممة كنموذج فعاليات وسوق مصغر في كل ولاية، وملعب قابل للنقل وأتمنى حقا أن يتم شراؤه بشكل دائم لمجموعة شركات متنافسة. الصديق وليد العبيداني دائما يقول (ليش تتمنى لنا منافسين) نعم، من منظور اجتماعي وفائدة اجتماعية، يجب أن يكون لصناع الرياضة منافسين، هي الأسم الأبرز في سوكا، وهي الوكيل الحصري له، لا خوف عليها، لكن لكي يصنع السوق ويستفيد الجميع يجب أن يتصالح المتنافسون، لا أن يتقاتلوا.

محمد الهاشمي قدم لي النموذج الذي كنت أتمنى رؤيته في الشركات العمانية، شغوف يبحث عن النجاح، وأيضا يبحث عن ربح البنك ففي النهاية هذا سوق، وبزنس، ويجب أن يكون مربحا للراعي لكي يكون لاحقا مربحا للاعب، والمنتخب، لعل حلمي في (مهنة اسمها لاعب) وتدخل وزارة العمل رسميا، مع تأمين طبي، وتأمين على المهنة والمخاطر، ربما كل هذا يحدث مع الوقت. سوق الهواة أقل تكلفةً من المنتخبات الكبرى، بمبلغ تنفقه في منتخبات كبرى، سوق الهواة يصنع لك زخما في محافظة كاملة، وبطولات مشتعلة، والإعلام الخاص والتواصل الاجتماعي من اسمه (مجتمعي) من المجتمع وإليه كما يقول وليد العبيداني. جزيل الشكر لمحمد على كثير من الاشياء تعلمتها منه، وبالتوفيق له في رسالة الدكتوراة، جمعنا الهم الدراسي المشترك طوال فترة البطولة والنقاشات التي بها.


القائد الأخير: وليد العبيداني


أصبحنا أصدقاء، وتغير واقع الحال والأمنيات، ومنذ أن أصبحت مستشارا لصناع الرياضة، والأمور تأخذ طابعا مختلفا. القرارات الصعبة التي اتخذها، مشاكل الحجز، وتذاكر السفر، والرحلة الفلكية التي تعبر محيطا كاملا. سلسلة جديدة تضاف لمنحنى تعلم صناع الرياضة، الذي أتعلمه من هذا الإنسان يتجاوز التجربة المهنية بل وحتى إلى التجربة الإنسانية. أستغرب من ذلك الهدوء التام. لا ينفعل، هادئ دائما. إنسان نظيف بمعنى الكلمة، ويمضي في مشروع صناع الرياضة منذ سنوات والحلم الذي لديه يتسع ويتحقق مع الوقت.

كلي ثقة أن سوق الهواة، وصناعة وظائف للاعبين، ولفريق فني، ولتنافس عماني يعيد كاس العالم لمنتخب السلطنة السداسي سيحدث مع الوقت. 

كانت رحلة المكسيك رحلة واسعة وشاسعة، مليئة بالدروس والتجارب، والصداقات التي نشأت بداياتها، وستكمل مسارها، لاحقا. 




للعلم ليس لدي علاقة رعاية مع بنك نزوى، أو أي صفقة إعلانية لهم، وأتعمد أن أذكره ليل نهار عسى أن (أغايظ) باقي الشركات لكي تحذو حذو البنك في رعاية رياضات الهواة. أؤمن برياضات الهواة لأن غرس الفسائل أهم بكثير من زراعة الأزهار التي تذبل سريعا. نعم، هناك من يهتم بغرس الزهور، الفسائل هي التي تبقى، وقد لا نحصدها نحن في جيلنا، ولا ننال فضلها، للآن أتذكر رئيس هيئة الشباب والرياضة لو كنت أتذكر اسمها بشكل صحيح، محمد بن مرهون المعمري، هل تتذكرونه الآن؟ ربما قليل من يفعل، لكن هذا المنتخب الذي أفرز الأمين وعماد الحوسني نشأ من هناك، من ذلك الاستثمار، هُنا يتغير الحال والواقع. 


جزيل الشكر لكل من دعم المنتخب في مشاركته، اليوم فريق بولندا الذي أخرج المنتخب يلعب مع منتخب المكسيك الذي يستضيف البطولة، صراع جبابرة حقيقة ومباراة من الصعب أن تنسى. 


كذلك أوجه جزيل الشكر للصديق معاوية الرواحي على حماسته في تغطية سوكا، وعلى كامرات (الأوزمو) وعلى إيمانه بهذه القضية، ومعه اشكر فريق ميزان الذي تعب مع فارق التوقيت لكتابة التغطيات والنقاش حولها في الهزيع الأخير من الليل. 


نلتقي في مسقط قريبا

الخميس، 20 نوفمبر 2025

#عائلة_العامرات: أين السؤال حقا؟


يصابُ المرء الطبيعي بصدمةٍ عاطفية حقيقيةٍ أمام هذا الخبر! نحن لا نتكلم عن وفاةٍ عادية لإنسان تعرض لحادث، الوفاة في حد ذاتِها مصابٌ غير عادي في الذاكرة، عائلة كاملة، وللموت هذه المرَّة سياقٌ واسع متكامل، وأسئلة صعبة للغاية كلها تبدأ: لماذا؟

تتضارب التصريحات، وكل من يغني على ليلاه يحاول تأطير الأمر كما يشاء. ولنا في تسمية (حادثة) خير مثال!! هذا فقط هو الأمر؟ حادثة؟ لا أكثر؟ أم وفاة عائلة نتيجة مجموعة مركبة من الأسباب والظروف؟ لا أحد يلام على الذي تفعله العواطف في موقف مثل هذا، نحن لا نتكلم عن موت لفرد واحد، نتكلم عن بترٍ حقيقي لوحدة عائلية كاملة اختفت وانتهت من المجتمع حرفيا في ليلة وضحاها.

البحث عن من يُصلب ويلام إحدى الطرق الطبيعية جدا للتعامل مع صدمةٍ مثل هذه. الغضب على السياق الكبير أيضا طريقة طبيعية. كلها وسائل تفكير تحاول أن تفهمَ لماذا فاجعة مثل هذه تحدث!! ويبدأ المشهد يتكون أمام عينيك، مولد كهرباء البديل هذا لماذا جاء؟ جاء لسبب أليس كذلك؟ والسؤال؟ الكهرباء كيف اختفت عن منزل هذه العائلة، هذا في حد ذاته سؤالٌ كبير إجابته لن تعيد هذه العائلة للحياة، ولكن على الأقل تفتح باب استيقاظ الضمائر تجاه أرواح البشر وحياتهم وأنماط حياتهم. معمعة ليس من السهل أن تستطيع التفكير وهو تحدث بكل قوتها وتضرب بكل تأثيرها عواطفنا وأفكارنا. والبحث عن متسبب إحدى طرق التعامل مع هذه الصدمات، والسؤال الكبير هو: من هو الشيطان في هذه المعادلة؟ وما صفاته؟ فهذا القدر نعم بيد رب العباد، لكن الأسباب بيد البشر، فأي نوعٍ من البشر قادَ لمثل هذه النتائج النهائية؟ وهُنا قد نكتشف في نهاية المطاف أن السبب فكري، أكثر من كونه اجتماعي. ثمَّة فكرة وراء كل هذه الأحداث المؤلمة. ونمط تفكير لعل رب العباد شاء أن يلطمَ الذي يفكر به لعله يستيقظ، وينتبه للمهم حقا للحياة في هذا المجتمع الذي نعيش فيه. نمطٌ رائجٌ يُنظر فيه للبشر كأرقام، ويُعلى فيه من شأن المنظومات، والتي من ضمنها الشركات، والبنوك على سبيل المثال! أحدهم في مكان ما قال ببرود: هذه ليست مشكلتنا! على كل إنسان أن يقاوم ليتعلم أن يحل مشكلته بنفسه! شخص في شركة الكهرباء لعله قالها بهذا الشكل، شخص آخر في شركة المياه يقولها بالشكل نفسه، شخصٌ في بنك من البنوك يرفع عقيرته ويتباهى بنسبة التحصيل العالية التي يحققها والمكافأة التي يحصل عليها لأنه يربط تاريخ المطالبات ورفع القضايا باقتراب رمضان! ثم ماذا يقول في اجتماع القسم الدوري: الموظف فلان يحقق نتائج جيدة لماذا؟ (لأنَّه بلا قلب) وربما يتبادلون مزحة عن ذلك الموظف صاحب الجبروت المجيد، الذي لا تأخذه في البنك لومة لائم. من الذي سيتعاطف مع سجين بسبب دين بنك؟ عائلته كحد أقصى، وبالنسبة لفئات صغيرة يكتنفها القدر بالدعم الاجتماعي يحدث ذلك فقط في حالاتٍ تصل فيه إلى العموم، وتؤطر بشكل عاطفي محكم، وتصل إلى حالة (التريند) الذي يجعل التكافل الاجتماعي أحيانا موجها ليكون ظاهرة إشباع شخصية، مئة شخص من العاجزين عن دفع قرض البنك يكملون الحياة في السجن، وخمس حالات تجد نجاحا في الوصول، حسب (شطارة) المؤسسة الخيرية، وحسب خصوصية الحالة!
لم تتحول #عائلة_العامرات إلى قضية خيرية عامَّة. لم تقطع الشوط الكلاسيكي العادي للوصول إلى هذه النهاية، لقد ذهبت إلى الموت مباشرةٌ. ذهبت لتردَّ على كل الذين يفكرون بمنطق مادي بحت عن مآلات التعامل الفكري الجامد مع شؤون البشر، وحياتهم، ورخائهم، ونمط حياتهم، وحقوقهم، وما يفتح ذلك معه من أسئلة المجتمع وشيوع ظاهرة التخلي عن الآخر. كلها أسئلة تفتح على مصراعيها أمام حادثة مثل هذه.

ثمَّة فكرة شيطانية خطرة للغاية ترعرعت في عقلٍ ما، تحولت لقرار، وتحولت لسلسة من الإجراءات التي يدفع بها دفعا من؟ هذا الذي يتعامل مع البشر كما لو كانوا ظاهرةً تطورية تحدث على ورق. البقاء للأصلح، وللأقوى، وللأنفع، وللأكثر صمودا! وقد قامت عائلة العامرات بواجبها من هذه الصفقة الفكرية، وقام رب أسرتها بالتعايش مع ظروفه، وتقبل كل الوضع الذي كان فيه، وحاول العيش مع البديلِ الذي وضعت يد الله فيه سبب النهاية، الغاز الذي فتك بأسرة كاملةٍ حاولت إيجاد البديل على ما لم يقدمه السياق الكبير لها! وهذه المأساة تحدث في النهاية.

أعلم أن البعض سيتعامل مع الموضوع عاطفيا، وأن البعض سيجد في هذه الحادثة فرصة مناسبة لكي يقحمَ غضبه الشخصي، وأن البعض سيغضب صادقا، والبعض سيستخدمها كقميص عثمان، والبعض سوف يشوه، ويكذب، ويزور، ويخفف، ويلطف، والبعض سوف يتلاعب الدين والأقدار فقط لكي يقول لك: ما حدث طبيعي!
سيقول البعض: المجتمع وتقصيره هو السبب، وسيقول آخر الحكومة وضغطها على الناس هو السبب، وسيقول ثالث أن الخطأ فني، وتقني، وكأنها حادثة في ورشة توفى فيها عامل أمام آلة ألمانية جديدة لم يجد المهندس تركيبها! كل من يفعل ذلك مصيبٌ، ومخطئ في وقت واحد، الكل يبحث عن طريقة لاستيعاب هذه الفاجعة، وتجنب مثل هذا الموت!!

لهذا الموت تحديدا سياق مؤلم! ليس مثل الوفيات التي تحدث في الدول الباردة التي إن نسي سائح لا يعلم عن خطورة مدفأة الغاز ما يمكن أن تفعله تقرأ النهاية نفسها. لهذا الموت سياق بشري، يتحدث عن المادية المفرطة التي تعشعش كل يوم في أنماط التفكير الاجتماعي العُماني. المادية العمياء، العجماء. والشركات التي تستخدم الصواب الفلسفي لكي تبرر ما تفعله! والتشريع الذي يجب أن ينتفض في وجه هذه الظاهرة الفكرية قبل أن تنفتح أبواب الفواجع على مصراعيها. التفكير المادي، الرأسمالي الذي يضرب في مثل هذه الظروف عرض الحائط. الاختناق الذي يحاول البعض التعامل معه بروح فلسفية جامدة وباردة (كل إنسان عليه أن يحمل نفسه) وكل إنسان عليه أن يقاوم. وهذه النهايات المأساوية لكل ذلك البرود الفلسفي. وفاة هذه العائلة تطرح أسئلة لا نهاية لها أمام العقول التي تختار المقاربة المناسبة للتعامل مع البشر. البنك الذي يسجن معسرا على خمسة آلاف ريال! والتشريع خطوة أولى، وإجراءات التنفيذ خطوة ثانية، وقس على ذلك. ما الذي يراد من هذا التفكير المادي الموغل في اعتبار الإنسان (فاتورة دفع). لا أعرفُ حقاً شيئا مؤكدا عن عائلة العامرات رحمة الله عليهم سوى شيء واحد، في عُمان، ماتت أسرة كاملة لأنَّها أرادت النور والضوء بمولد كهرباء!! أين كانت الكهرباء؟ هنا تضيع الحقيقة بين الذي يهاجم والذي يدافع. أما الفكرة الرئيسية؟ فتذهب أدراج الرياح، الفكرة التي نعيشها نحن شخصيا أمام تلك المواقف الرخيصة، عندما يزورك ذلك الموظف البارد الجامد القميء الذي يقطع عنك الكهرباء في عز الظهر، لتجده في الخارج يكلمك بوجه مادي جامد، وعقل محض مجادل في الإجراء والقانون (وحقوق الشركة). ويقول لك: ولكنك لم تدفع الفاتورة! سيقول قائل: ولكن الأسرة هذه لم تقطع عنها الكهرباء! كانت تعيش في في شقةٍ بكهرباء مسبوقة الدفع!! وما أدراني، لا أعرف من الأساس إلا شيئا واحدا، ثمة عائلة كانت تحتاج لمولد كهرباء لكي تحصل على الضوء!! هذا هو الخبر اليقين! أن الحل البديل لمشكلة أخرى كان حلا قاتلا! البنك الذي يسجن عاجزا عن الدفع! لا يعبأ بالعواقب الإنسانية؟ لماذا؟ لأن التفكير بالعقل المحض، والرأسمالية النيولبيرالية الأمريكية وكأنه نمط التفكير المادي النفعي الجديد الذي أصبح مقبولا! وإلا فما الذي يجعل شركة كهرباء تقطع الخدمة عن عائلة مع اقتراب العيد! لأن موظفا يريد رفع أرقام التحصيل التي لديه، ولأن الموظف (الفاشل) الذي ينظر للأمر بمنظور القلوب، هو موظف ضعيف، لا ينفع لكي يعمل في شركة، حاله حال موظف البنك الذي لا يرفع قضيةً على رب أسرة أخرى. وسيتجادل ذوو العقول المحضة عن أن ذلك (حق) وكأنه يتكلم عن حق المجتمع العام، وعن العدالة في العالم! وقس على ذلك في هذا التفكير المادي البحت. كل من اختار تسريحَ العقود المكلفة، ولكنه ويا سبحان الله لا يتخلى عن المأذونيات الثمينة التي يحاول تفريخها قدر الإمكان بكل ثغرة يجدها في قانون أو تشريع. كل هذه الأحداث قادمة من فكرة خطرة للغاية، لا تقيم أدنى اعتبار لحياة إنسان، ولا تهتم من الأساس لأي مدى سوف يستنزف من حياته وإرادته لكي يتأقلم مع الظروف التي تصنعها هذه الفكرة الجامدة! هل خالف رب أسرة عائلة العامرات التزامه أمام هذه الصفقة المجحفة؟ كلا لم يفعل! لقد حاول الإتيان بحلول، والتأقلم، وجاء بمولد كهرباء. من الذي لديه الحقيقة الكاملة! الذي يعرف جيدا أنَّه لن يقولها. المؤكد الوحيد، لدينا عائلة ماتت بسبب حل بديل، لماذا اختفت الكهرباء عن ذلك المنزل! هنا السؤال الكبير الذي يجب أن يجاب عليه. أبارك وأهنئ لكل المؤمنين ومعتنقي التفكير المادي الجامد البارد، والمتعاملين مع ظروف الحياة كما لو كانت مختبراً بشريا ينجو فيه الأقوى، أهنئ جميع الداروينيين، والنيوليبراليين، والساجدين في محاريب آدم سميث على هذا الموقف المجيد! أنصح شركات الكهرباء بالإعلان عن نبأ موت عائلة العامرات كتهديد لكل عائلة أخرى، بل وأعطيه فكرة إعلان: لكي لا تكون أنت التالي! ألا نتكلم كعقل محض؟ كعقل مادي محض! دعونا نفكر في المصلحة المادية للشركات! لماذا تفوت الآن هذه الفرصة؟ التحصيل سوف يرتفع! فلماذا تفوتون هذه الفرصة؟ لديكم حدث اجتماعي هائل ومهم، سوف تدفع فواتير كثيرة، وحتى وإن كانت عائلة العامرات لديها فاتورة مسبقة الدفع، لا بأس ببعض الكذب، المهم هو تحصيل المبالغ وليست الحقيقة. كذلك أنصح البنوك أيضا، أن تستخدم هذا الحدث لكي تستعيد قدر الإمكان أكبر مبالغ من المال، وأن تحرك الآن قضايها، فالناس عاطفيون، متأثرون بما حدث في العامرات، وسوف يدفعون لإخراج ذويهم، شدوا حيلكم، لا يجب أن تفوت هذه المأساة (مجانا) الموظف المثالي الآن وقته وفرصته، ولعلكم تكونون محظوظون فتجدون عائلة أخرى تموت لظروف شبيهة، سوف يرفع هذا نسبة التحصيل لديكم بشكل عالٍ. وكذلك، ثمَّة مجموعة أشخاص، في مكانٍ ما، قرروا في وقت سابقٍ أن يكون كل هذا ممكناً. إن لم يستيقظ ضميرك الآن أمام هذه الفاجعة، فاعلم، أن نتائج تنظيرك المحض، وتعاملك مع البشر بهذه الطريقة الموغلة في تحوليهم من قيمة بشرية إلى (فواتير) مستحقة لشركات تريد (حقوقها) كما تقول! هذه مآلاته!! وهذه نهاياته! أعترف أنني عاطفي، ومشتت، ولا أجزم أنني أستطيع رؤية الصورة بوضوح! لست متأكدا من أي شيء سوى أن خدمة مثل الكهرباء غابت عن عائلة فماتت بسبب مولد كهرباء! هذا هو الشيء الوحيد المؤكد لدي! أما إن كنت سأبحث عن الشيطان في هذه المسألة، فهي حزمة أفكار، وطريقة تفكير، ومنهج عمل، ومدرسةٌ عاثت ما عاثته حتى أصبحت هذه هي المآلات لها! هنيئا لكل عقل محض هذه الوفاة، عسى أن تساعده على المزيد من التفكير الأمريكي الذي لا يقيم أدنى اعتبار لشيء سوى أن يكون كل إنسان (فاتورة) مطيعة لشركةٍ أيضا تقوم على فكرة، وتستمر على فكرة. هناك من سمح بكل ذلك للحدوث، وحانَ له الآن أن يفتح عينيه، وأن يرى نتائج أفعاله!


ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!


عندما يتعلق الأمر بمعتقدات فكرية، هذه هي المآلات النهائية التي توقف غلواء العقل المحض! تشارلي كيرك قال بلسانه: يجب أن نتحمل مجموعة من وفيات السلاح للحفاظ على حق حمل السلاح المقدس في القانون الأمريكي!!! وكل شيء يبدأ من فكرة أليس كذلك؟ التسريح: فكرة، رأسمالية، واضحة وعادية، إنه أرباح الشركة أولوية! طيب، لماذا لم تأتي الفكرة على هيئة تخفيض الرواتب؟ وبدلا من السماح للتسريح، تسير الشركة بطاقة تشغيلية منخفضة؟ وتحاول النجاة؟ لكن هل هذه الفكرة جاءت بحلول؟ مثلا؟ المأذونيات الثمينة؟ موظف البنك: أمامه نظرية مطبقة وممارسة، وأيضا كانت قرارا فكريا من أحدهم، واختار الصواب الرأسمالي، الربحي. والنتيجة؟؟ موظف في البنك في مكان ما يختار وقت رمضان لسجن المعسرين! كلها نتائج مدراس تفكير: وهذه المآلات! ثمة شيطانٌ في مكان ما الآن يلف ويدور حول أن هذا الشيء (طبيعي) ويحدث، ومتوقع، بل وربما من فرط ما يريد استنزاف غيره في المجادلة سيقول: المولد الكهربائي كان مغشوشاً، وحماية المستهلك هي سبب وفاة هذه العائلة! هي فكرة! الشيطان في المسألة طريقة تفكير خطرة نزعت الإنسانية من البشر وهذه هي المآلات! عندما ترى فريق قطع الكهرباء، في عز الظهر! وكأنهم فرقة سطو في فيلم أمريكي، يقطع الكهرباء، ويهرب بسيارته! لماذا يفعل ذلك؟ سيقول لك: عملي؟ من الذي أعطاه مهمة العمل؟ مديره!!! من الذي أعطى مديره صلاحية ليأمره بذلك؟ مدير مديره! وتذهب تتقصى حتى تصل إلى العقل الذي جعل ذلك ممكنا، الذي نظّر أمام الإنسانيين (الضعفاء) أن المنظومات لا تقوم بالقلوب، وإنها تحتاج لعقل محض. وكلامه صحيح بلا قلب: تحصل فواتير أكثر للشركات. بلا قلب: تحصل ديون متعسرة أكثر للبنوك. بلا قلب: تسريح أي موظف في شركة خاسرة حق من حقوق الشركة. السؤال هو: ماذا عن المآلات؟ هذه إحدى المآلات، وكل ما بيدنا من حقائق حتى الآن هي الحقيقة الآتية (إنسان ماتَ هو وعائلته بسبب مولد كهرباء) لماذا لم تصل له الكهرباء؟ هنا ألف سؤال!! ستسمع الآن المجادلات القبيحة: لو كان غير قادر على إعالتهم فلماذا جاء بهم؟ وستسمع: "لو كان رب أسرة مسؤول لدرس بعض الكيمياء، والأحياء، ولعرف خطورة ثاني أكسيد الكربون، ولما قتل عائلة كاملة بجهله" ستسمع المجادلات الشيطانية التي تحاول صناعة شيء (طبيعي) في هذه المأساة. السؤال الكبير هو: لماذا لم يكن لديه كهرباء!! هذا هو السؤال الجوهري والكبير! ثمة فكرة شيطانية وراء هذه المآسي، وما دام الموت قد قال كلمته، فليمارس الأحياء أنانيتهم في جعل حياتهم أفضل. هي مدرسة تفكير، كل يوم تقود إلى هذه النتاج المفزعة. وفي مكانٍ ما، هناك شيطان رأسمالي يقف أمام هذا الفيضان من المشاعر البشرية قلقا للغاية، شيطان فكري من ذلك النوع الذي يرفع عقيرته الداروينية وينادي العالم بالتأقلم وممارسة دستور داروين للبقاء للأقوى، وفناء الأضعف. الموضوع فكري أولا، وثانيا، وثالثا، وأخيرا. وما لم تفكك هذه الفكرة المادية، العجماء، العوجاء، غير الإنسانة، فإن الأمر لن يتجاوز ذر الرماد على العيون! كل هذا يحدث منذ زمن، والتجربة تقود لخطأ، والذي يدير التنظير للمرحلة الاقتصادية الحالية وجب عليه أن يستيقظ الآن، قبل أن يذهب للبعيد في سبيل (تحقيق النتائج) ويعتبر كل هذه الأحداث مجرد خسائر جانبية في الطريق للهدف الكبير. المغالاة في المادية لها حدود. ابحث عن هؤلاء الشياطين، ستجدهم حولك، ينظرون ببرود عن الاقتصاد وما له وما به وما عليه. ولا يختلف هؤلاء عن الذين يتعاملون أيضا مع موت هذه العائلة كعقل محض مضاد، عقل الغضب، والتأجيج، وإخراج الأشياء من سياقها، سترى العقلين، المحضين، يصولان ويجولان في الجدال، أما هذه العائلة، فتعني من؟؟؟ اسمها #حادثة !!!! مجرد وقود في آتون الجدال أليس كذلك؟ وكأن هذا الموت الفاجع لا يكفي لكي يفتح أعيننا!! الحقيقة الواضحة أمام الجميع: ثمة إنسان مات لأن الكهرباء الكلاسيكية الاعتيادية اليومية العادية لم تكن لديه!! لماذا!!! لماذا لم تكن لديه كهرباء!! هذا هو السؤال!!!! المقرف دائما هو ما يحدث دائما!! هذا يقول مسرح، والتسريح هو السبب. هذا يقول قطعت الفاتورة والشركات هي السبب. هذا يقول المجتمع غير متكافل والأنانية هي السبب. هذا يقول الحكومة تضغط على الناس والضغط هو السبب. هذا يقول رب الأسرة ليس مهندسا في الكيمياء والكهرباء وهو السبب. وهذا يقول أنَّه مجرد قدر ولا يجب أن نعترض على مشيئة الله!! أين المؤلم في المسألة: الجميع على صواب، والجميع على خطأ، الجميع يحاول أن يأخذ جزءا من السياق الكبير وأن يوجهه بناء على تحيزاته المسبقة، ولكن ما هي الحقيقة حتى الآن؟ لماذا لم يكن لديه كهرباء!!! هذا هو السؤال الكبير، لماذا يستخدم مولدا؟؟ هذا هو السؤال الذي يحتاج إلى إجابة، ومن هذه الإجابة يمكننا على الأقل وفاء لإرث هذه العائلة أن نخلد ذكراهم بحقيقة تتغير، وأفكار ترتكس، وتتراجع، أفكار مادية بحتة ترى في الناس مجرد فواتير، وترى في شركاتٍ ربحيةٍ أولويةٍ قصوى. التسريح: لماذا لم تخفض الرواتب للجميع؟ وهل التسريح كان مكافئا للمأذونيات الثمينة والعامل القادم بنصف موظف!!! كلها أسئلة تغيير، أسئلة تغيير عميقة للغاية في عمان، وليست تغيير تشريعات فقط، وليست تغيير إجراءات، وإنما تغيير مدارس تفكير، ومدارس اتخاذ القرار، ومدارس تحليل. هذا الذي جعل ذلك ممكنا هي شبكة بشرية من الذين يفكرون، حزب فكري انتصر على حزب آخر، حزب مادي بحت لديه من النتائج ما يكفي لكي يكون صوابا!!! نعم، صواب فكري حقيقي بحت، التسريح ينفع الشركات!!! من قال أن هذا خطأ، هذا صواب فكري، ولكن ماذا وراء النظرية الاجتماعية التي خلفه؟؟ هي نفسها النظرية التي أطلقت الرصاصة على رقبة تشارلي كيرك، الصواب الفلسفي في أبهى حلله وتناقضه مع إنسانية البشر. أعتقد أن الوضع الفكري العام في عمان ذهب بعيدا في هذا التفكير الجامد، وأن الوقفة التي لا بد منها مع نظرية الحياة في عمان قد حان تمحيصها وتفنيدها، وأن طرق التفكير المادية الموغلة في تجاهل إنسانية البشر قد حان لها أن تتلقى جدالا حقيقيا. هذه مآلات أفكار، وليست مآلات قرارات. هي المنبع الرئيسي الأوَّل الذي يؤدي لمثل هذه النهايات، لذلك الذي يريد أن يتصدى لأطرافٍ ونهاياتٍ لفكرة جوهرية، سيبقى دائما يبحث عن الشماعة التي يعلق عليها أعذاره وتبريراته. صحة البنوك تنفع الاقتصاد؟؟ نعم تنفع الاقتصاد، ولكن كثرة المساجين تؤذي المجتمع، وتدمر استقراره. التسريح ينقذ الشركات: نعم، ينقذ الشركات، ولكن الاحتفاظ بالمأذونيات الثمينة ينقذ أرباحها! كلها أسئلة تلطم في أسئلة، والإجابات ليست سهلة، الذي أنا متأكد منه أن المساءلة الفكرية هي الخطوة الأولى، وهذه مهمة من الذي يتصدى لها؟؟ لا أعرف!!!!! موت عائلة يسمى (حادثة) عادي جدا صح؟ العقل المحض الأول يلقي باللائمة على المجتمع القاسي الأناني. والعقل المحض الثاني يستخدم الحادثة لمجادلات سوق العمل والنشاط الاقتصادي. حادثة صح؟؟ أتمنى فقط البنوك تنتهز الفرصة الآن لأنه الوضع العاطفي الآن يسمح لها بالمزيد من التحصيل. كذلك شركات الكهرباء أتمنى فرق الكوماندوز التي ترسلها لسحب فيوز الكهرباء تنتشر، لأنه الآن وقت الضربة المناسبة. الأرقام لا تكذب، ونتائج التحصيل سترتفع. وخلونا نخلي الأمور عقل محض!! ربما هكذا أسهل لكي نعيش بلا مشاعر، وربما: بلا ضمائر!! فلا نامت أعين المتخشبين!

السبت، 18 أكتوبر 2025

التقرير الفصلي

 للآن، ورغم كل النصائح التي تكال لي ليل نهار، عن ضرورة إبقائي الماضي بعيدا عن كتابتي، لا أستطيع أبدا أن أقتنع بالمنطق الذي يسرده البعض لأنَّه ينظر إلى حياتِه هو أكثر من فهمه لحياة أشخاص عاشوا الحياة بشكل مختلف!!!


منطلقاتهم نبيلة، وحسنة، وعملية، وأيضا نفعية أكثر من كونها منطلقات نافعة:
- أنت حالياً أمورك ماشية، هُناك كثير من التقبل الإيجابي لك!
- من منظور عملي بحت، ذكرك لماضي الإدمان، أو مشكلاتك العميقة لا يساعدك كثيرا على الترقي في الحياة.
- (انسَ).

كان هذا الكلام صحيح عندما كان سياق يسنده. فرق كبير بين أن تطلق صرخات نداء متتالية، أو تحاول استجلاب التعاطف والشفقة بسبب آلامك، أو أن تشكو إلى من يحب سماع عذابك، وأن تصل إلى خلاصاتك من كل الذي حدث لك وحدث منك. هذا الكلام صحيح عندما تتبنى وجهة نظر غير دقيقة، أو تتصل عاطفيا بشكل كبير بحدث من الماضي. الذي يعيش حياة خالية من هذه المآزق، والمشاكل، والأخطاء، والظُلم، صعب أن تشرح له التغييرات الجذرية التي تحدث لك وأنت تتجاوز كل ذلك الموَّال الصعب. التعافي من الإدمان، هذه في حد ذاتها من أشد التجارب التي أتمسك بها، والتي أبقى دائما أتذكرها، وأبقيها واضحة. لا شيء في هذه الحياة أتمسك به كحقيقة أكثر من كوني تعافيت من الإدمان الذي أخذ سنوات متتالية من حياتي. الاستقرار الصحي الصعب للغاية، والذي تأتى لي، سنوات من الجهد، والتعب، والمتابعة، والحذر الشديد. أن يكون لدى البعض (الأفضل نفعيا) هو أن أعيش في حالة إنكار، واختفاء خجول. نعم، هذا الذي الآن يصول ويجول في العالم الرقمي ويعيش دور (المشهور) نسبيا، هو نفسه الذي كان زائرا لتنويم مستشفيات المسرة، والجامعة، وما يسمى (مستشفى المجانين) الشخص نفسه، والواقع اختلف. الشخص نفسه الذي يعيش الآن تحت مظلة القانون، ليست لديه نزعة تلقائية لاختيار أقوى جهة في الدولة، أو أقوى سلطة في الدولة، أو حتى كي يتحدى السلطان مباشرةً بغض النظر عن السبب لذلك، هو نفسه الآن الذي يعيش، ويحاول الحياة، هو نفسه الآن الذي يتعامل بالمنظور القانوني في كل شيء. لدي حقوق، لا أتنازل عن ذرة منها، وما لا يسمح به القانون لا أقضي حياتي في معركة معه. متعايش حالي حالي أي شخص، وطبعا من التفاهة أن أتلقى تنظيرا عن الشجاعة من اسم مستعار، أو شخص شجاعته في طاولات المقاهي أو الحانات منقطعة النظير والنظائر. نعم، لما تكون شخص عاش حياة كلاسيكية، تخرج، واشتغل، أو عمل بزنس ونجح، من حقك تخشى على سجلك الناصع وتخفي كل شيء. أنت لم تصب بالجنون الحقيقي، لم تدمن، لم تدخل السجن، لم تدخل الانفرادي لفترة تجاوزت المئة يوم، لم يتحول ملفك إلى سجلات مرضية علنية ومنشورة، لم تهرب من مصحات نفسية، لم يعف عنك السلطان قابوس ويأمر بعلاجك، ثم تهرب من المصحة، وتعود للإدمان، ومن ثم ترجع وتهاجمه، ثم تبكي، ثم تعتذر، ثم ترجع وتهاجم كل شيء، ثم تهاجم نفسك، وكل هذا كان علنيا. النصيحة هذه ليست أكثر من نصيحة شخص جاهل لديه معايير معينة ويظن إنها تنطبق علي. الوضوح هذا هو اختياري في الحياة، اختياري لأبقي كل شيء على الطاولة مع الجميع. أن ترفض أن أكون بخير، هذا يجعلك مباشرة في خانة الشخص الذي أحذر منه، أن تحاول المساس بسلامة حياتي، هذا يجعلك بكل بساطة عدوَّا، وجاهز لمحاربتك ولو استدعى ذلك موتي. لا مساحة لأي هزيمة أخرى في حياتي، إما حقوقي أو الموت. باختصار تام. تريد ترفضني، حياك الله، ارفضني لما أجي أطأ ساحتك، أو أطلب منك شيء. لما أتقدم لوظيفة في شركة أنت تملكها، من حقك تماما أن تشترط ما تشاء. لما أريد صداقتك، والقرب منك، وقتها ارفع عقيرتك ونعم، ارفض. أمَّا أن أكون بعيدا عن حياتك! وتحل زائرا على حياتي! أنت العدو هُنا، وردة الفعل تجاهك مستحقة. لذلك، تختفي هذه الضغوط، بين فترة وفترة، وترجع لاحقا لأنه هذه المسلمات لا تنطبق علي. وأحترم انطباقها عليك. أعيش مآلات خياراتي كلها، بعضها جيد، وبعضها سيء. كنت مسجون!!! كنت لاجئ؟؟ كنت كما أسمى تجاوزا (معارض) هذا شيء بيني وبين دولتي، شيء مباشر، بيني وبين القانون، بيني وبين السلطة والنظام العام، ما شيء حاجة تمنحك أي استحقاق تتدخل فيه، لأنك هنا أنت المعتدي. كنت مدمن أتعاطى مادة مخدرة على الهواء مباشرة في بث مباشر، ممتاز، دخنتها في صدري، وتعاطيت في دماغي، ما دمت لم أزر بيتك، أو أقترب من حياتك، اقترابك من هذا الجانب يجعلك أنت المخطئ، ومن واجب الدفاع عن نفسي. كنت ما كنت من خير وشر. لو كان لك حق، ماذا تريد؟ اعتذار؟ تعويض؟ لن أنكر حقك، وإن كان الأذى صدر من جانب واحد مني تجاهك، يحق لك الكثير إلا شيء واحد، إن جئت تريد الانتقام، أو كنت تافها يلعب دور الضحية وأنت مصدر أذى لي، وقتها ليس إلا المواجهة، وهذه حيلة المضطر، شيء لا أريده، ولا أبحث عنه لكنني لن أهرب منه. حياتي ليست نزهة في حديقة، أعرف صعوباتها، وعودتي لعمان أعرف صعوباتها، وجزاهم الله كل الخير اللي واقفين معي فقط عشان تكون أقرب شيء للطبيعي في معمعة من الأحكام. تجي أنت في منتصف هذي المعمعة عشان الآن فجأة تتجرأ وتكون (بخير). هذا خيار الضرورة، بناء الحدود، وبناء صلابة، بل وللأسف بناء قسوة شديدة، لا أمانع أن يسجن أو يذهب مستقبل أي شخص يعتدي علي، عندما أخطأت خسرتُ ودفعت ثمن خطئي. لم يعد لدي مجال لهذا الغفران الرومانسي. وثمَّة أشخاص ينتظرون الاتصال المؤلم قريبا عندما يتحرك القانون ضدهم. لهذا، صار طقس فصلي كل عدة أشهر أكتب عن هذا الموضوع. تراه ما دائما نصيحتك صادقة، أحيانا كل اللي (تستكاوده) إنك ترابع معاوية اللي كان مدمن وكان معارضِ. سردية اجتماعية تغنيك عن عبء أن تكون قريبا مني، وما ألومك، ابتعد، وارحل، وما عليك لوم، خسرت أصدقاء مقربين كثر بسبب تعقيد وضعي الاجتماعي، ما تجي تو عشان خلاص سرديات اجتماعية تجد هذا أهنأ لك. - سردية هذا كان شخص ذكي جدا ومحسود، أسهل بكثير من شخص اضطرب مرضياً وعقليا وفكريا. - سردية إنه هذا كان لاعب كبير في حقل السياسة، والحقيقة أبسط بكثير ولا تتجاوز شخص لديه فضول معرفي، وكاد أن يقتله هذا الفضول، شخص مجازف ويظن أن التجارب لا يمكنها أن تقصف حياتك. ولا لاعب كبير في حقل السياسة، ولا اقتربت من ذلك، كنت مدونا نشطاً، ومع الوقت تعقد كل الشيء وخرج عن قدرتي على التحكم به. سهل جدا تتقبل سردية تغلف حياتك، أرفض ذلك، تماما. إدماني جزء من حقيقتي كما أن التعافي منه جزء من حقيقتي. حياتي المبهدلة أمنيا وقانونيا جزء من حياتي، كما أن هذا الهدوء والمضي قدما في منطقة قانونية جزء من حياتي. حياتي المضطربة عائليا وعلنيا ومشاكلي مع والدي جزء من حياتي، كما أن قربي الشديد منه وعلاقتي القوية به الآن جزء من حياتي. أنت لا تنصحني لكي أبقي كل هذا في خفاء (لأجلي) أنت تفعل هذا لأجلك، لأجل حساسياتك. أعرف أنني مضغة في ألسنة كثيرة، بعضها بالشماتة، وأعرف أنني يكال لي المديح بما أستحق وما لا أستحق من قبل أشخاص يؤمنون بي، ويحبونني، كلاهما ينظران للحقيقة من الخارج. الذي أنظر له من الخارج، وأكتب عنه ضمن ميثاق الوضوح بيني وبين الحياة له سببه العملي، وهو ببساطة أن أخسر مسبقا أي نموذج بشري لديه أحكام تجاه ماضي أي إنسان. ليش أتعب نفسي؟ أحسن من البداية كل شيء في الطاولة، ما لازم أقطع شوط عشان تجي بعدين منصدم إنه هذا الطالب النجيب في علم النفس الذي يتحدث بطلاقة وانطلاق كان يوما ما مأساة علنية من مآسي عمان الرقمية!!! حياتي لم تتعدل وتنصلح لأنني كنت ذكيا، ولا لأنني كنت صالحا بشكل كبير فتغيرت، حياتي كلها مرتهنة بقرار واحد عطوف وحليم من السلطان هيثم بن طارق، والصدفة الوجودية فقط لأنني عماني، والصدفة الوجودية إنه عمان دولة معها نظام الفرصة الثانية (والأخيرة عادةً)، صدفة وقدر ورحمة من الله. وهذا العفو هو سبب كل هذا التحسن في حياتي، الشيء الجيد اللي فعلته إني تمسكت بهذه الفرصة الثانية، وتعاملت معها باحترام. هذا هو الشيء الجيد اللي فعلته، الشيء الجيد الذي فعلته هو أن انعكاسات هذا العفو على عائلتي كان جيدا، وأحافظ على هذه الانعكاسات. الشيء الجيد هو أنني رب أسرة، مستعد للموت من أجلها عشر مرات، وسأرضى بالشهادة في سبيل الدفاع عنها ضد أي شر. هذا هو الشيء الجيد. الشيء الجيد أنني أحاول، ولا أيأس، وليس لدي أصلا خيار اليأس. لذلك، لو كان كل حرجك إني كنت مدمن مخدرات، أو كنت إنسان على قيلتك (فاصل ومجنون وخريج مستشفيات نفسية) ما محتاج أشرح لك شيء، أعرف أوقفك عند حدك إذا تجاوزت، وأعرف أعيش بدونك وبدون اهتمام لك. عادي، رأيك، تحبني، تكرهني هذي حقوقك في الحياة، وما دامت لا تتعدى على حقوقي خذ راحتك في الشماتة كما تحب وتشاء. قصتي لا سالفة تغيير، ولا سالفة شخص واجد (برابر) والخير اللي فيه عظيم، قصتي قابلة لتحدث لأي شخص جامح، ولأي شخص يوصف بإنه (فاصل) ولأي شخص ورط نفسه في معمعة وما عرف يخرج منها، فقط لأنه الصدفة مخلتنا في عمان، وإلى الآن مفهوم الفرصة الثانية لم تتنازل عنه عمان بعد والله يعلم بالقادم ولكن كل المؤشرات تقول: كل حد معه فرصة يبني حياة لو فهم ما له وما عليه وتقبل الأمور بواقعية. ولأجل هذا كله، اللي حاب يغث حياتي بتحيزاته، وكيف الحياة الأنسب لي، وماذا يجب أن أجعله معلنا. أحب أذكرك، أنا مدمن مخدرات سابق وعشر سنوات من الإدمان، ومعي مشكلات عواقبها جسيمة وحالة مشخصة عدة مرات وعلاجها أبسط من البسيط لكنني رفضت الاعتراف بالدواء وبالداء. ووضعي اللي يسميه البعض تجاوزا (سياسي) فقط اللطف والعطف من السلطان جعله طبيعي وعطاني فرصة حياة ثانية. وجزاه الله كل الخير، هو وصاحب السمو السيد ذي يزن الذي يسّر لي فرصة للمشاركة والمساهمة. قصة ما لها علاقة بي، قصة سلطان عفو، وأب غفور، وبشر أنقياء، ما لها علاقة أبدا بي، والشيء الوحيد الجيد بي إني احترمت هذا النقاء الذي مورس تجاهي وسعيت لإنصاف من عاملني به. قصة ممكن تحدث لأي شخص لو كان هو يريد أن يغير حياته لمسار مختلف عن الطريق للنهاية، أو حسب خطتي السابقة: جيب العيد إلين تقول بس ثم انتحر ولن يأسف عليك أحد! تفكير مرضي لا أكثر قابل للحل بعدة جلسات من العلاج مع أخصائي خريج جديد يعرف البروتوكول العلاجي المناسب. لا مشاكلي كانت عويصة، لا مرضي شديد، ولا لي مساهمة هائلة. أعيش في واقع أقوى مني، ورحمة الله شاءت لي هذه الفرصة الأخيرة، ومتمسك بها حد الموت من أجلها. حياتي في عمان ما نزهة، وراضي بها، وخياراتي أدفع ثمنها، وما أقبل أي شخص يدفعني ثمن خطأ لم يصدر في حقه. لذلك، لو كنت تظن إنك لو عشت هذي الحياة فلن تنجو منها، ممكن نعم، ممكن لا، لكن كل شخص ممكن ينجو أول ما يعود للواقعية، وعاد أنت ورحمة الله بك، تنجو في عمر الخمسين، أم في عمر الستين، أم في عمر السابعة والثلاثين؟
والحمد لله على كل حال

الخميس، 2 أكتوبر 2025

الرقيب الرقيب ودربه العجيب!

الشيء الوحيد اللي فعلا يمكن أن يشمله قانون الإعلام هو اليوتيوب، وفقط في الجانب الإعلامي.

‏الحق الفردي هو حق منحه النظام الأساسي، وحجيته تفوق اللائحة بمراحل.

‏والمرسوم السلطاني حجيته تفوق اللائحة.

‏هذا الهرم الدستوري المنطقي

 

‏وأيضا يجب تخصيص نقطة، معك حساب تعبر فيه عن رأيك الشخصي في جانب، ونفترض تشتغل في تغطيات إعلامية في جانب آخر.

 

‏هل بكرة الرقيب الإعلامي فجأة يجي يتدخل في رأيك الفردي؟ بحجة إنه (المنصة كلها) تعتبر منصة إعلامية!

 

‏حدث العاقل بما يعقل، والحل الوحيد هو اعتماد تعريف علمي قانوني واضح المعالم.

 

‏كنت مشغول في التزاماتي الدراسية وتلقيت دعوة لحضور الجلسة النقاشية، توقعت تلقائيا أنه لن يفوتني شيء وستنشر، اليوم جلست أبحث عن الموضوع عشان أعرف ما لي وما عليّ ..

‏أكتشف إنه العمومية هذيك وكأنها مقصودة!

 

‏موه السرية في الموضوعِ؟ وليش ما يطلع لنا مسؤول رسمي من وزارة الإعلام يشرح لنا كتصريح رسمي يتحمل مسؤوليته أمام الدولة والقانون ..

 

‏هذي تراه المشكلة الرئيسية اللي مع الرقيب الإعلامي، إنه يشتغل بطريقة غريبة، باغي تمسك حقوق الناس، وتأثر على أرزاقهم! خليك شفاف وصريح وخلي كل شيء على الطاولة..

 

‏عجيب الوضح ياخي، وأبدا ما يطمن!

 

 

 

 

…..

 

لست ضد توجه الوزارة، ولا الدولة ككل في صناعة شيء مفيد من الواقع الرقمي. في النهاية المنفعة العامة مقدمة على كل رأي شخصي.

‏لا أفهم كيف لهذه الوزارة (وفق تعريفها الحالي غير الواضح) أن تدير هذه الجحافل من صناع المحتوى، والقنوات والمنصات؟ وبأي معايير؟

‏ثانيا، هذه ما تسمى (الصحف الإخبارية)! أبسط مثال على ضرورة تدريب وتأهيل طاقم الوزارة لكي يفهم العمل الرقمي.

 

‏الرقابة موضوع قانوني، لا يحدث في الخفاء، وفي السر، وبالتنصل من أي تصرف مبني على صلاحية. أبسط شيء، هو أن تتحمل المسؤولية أمام الدولة والقانون، ماذا تريد بالضبط يا رقيب يا إعلامي؟

 

‏ثانيا تراه الموضوع ليس سهلا، هذا فيه أرزاق ناس، ومصادر دخل، وبالنسبة لكثيرين مصدر الدخل الوحيد لهم، يعني أحسن ما يؤخذ بهذي العمومية، لأنه هذي المرة مع فرد، وفرد يحميه قانون ونظام أساسي، ما منطقة اختصاص مثل المؤسسات الإعلامية.

 

‏أتوقع إنه موضوع وقت قبل لا تكتشف الوزارة إنه جاينها ضغط هائل للغاية، وإنه جوقة المطبلين حاليا لموضوع الرقابة غير المعرّف هذا ستتراجع لاحقا (لو) ظن الرقيب الإعلامي إنه يمكن له التحرك في مناطق مظلمة وخفية.

 

‏أبسط شيء: هين الجلسة النقاشية اللي فيها التصريحات التوضيحية؟ إلى الآن ما حد محصلنها، وأتمنى نشرها دون تقطيع، وكل مسؤول رسمي فيها يتحمل مسؤولية تصريحاته قانونيا.

 

‏جلسة نقاشية فهمنا، العلانية شرط من شروطها، هذي أمور ما فيها آراء، هذي فيها حقوق.

 

‏أتمنى وزارة الإعلام تتذكر إنها مهمتها (التنظيم) ما شيء آخر.

 

……

وأصلا السؤال الكبير بشأن وزارة الإعلام! هل معها طاقم من الأساس عشان تشتغل مع الواقع الرقمي؟ لأنه هذا ما بطيء، سريع جدا، وفيه أرزاق ناس، وليس مثل هذه المؤسسات الكلاسيكية التقليدية اللي معها قالب وتكرره! اللي يتغير هو الخبر.

 

‏من الخير كله، يقدروا يردوا على الناس اللي مقدمين كتب للترخيص وما معهم رد؟

‏يقدروا لما معهم ملاحظات يتوقفوا عن التنصل من تدخلاتهم (الهاتفية) ؟؟؟

 

‏ويكون الأمر واضح المعالم، قانوني، قابل للعرض على القضاء.

 

‏وكوجهة نظر أقولها من زمن، أتمنى صلاحيات الرقابة الإعلامية تحول لجهة مستقلة، تكون مبنية على أساس قانوني، فقط.

 

‏ثانيا السوشال ميديا الآن!!! تو عاد! تو عاد فجأة صارت مشكلة؟ لما كانت في مراحل متتالية مصدر قلق ومواجهات!

‏الآن لما هدأت، وصارت تتجه للمهنية والإنتاجية، وصارت مصدر دخل ورزق لكثيرين!

 

‏لو تعسف الرقيب الإعلامي، وما فهم الواقع الرقمي، ومن الأساس شوف منصاته ومتابعاتها وانتشارها! هذا الآن يجي يقيم العمل الرقمي؟ خليه أول شيء هو يبدأ فيه. الموضوع ما سهل، فيه حساسية عالية جدا، فيه أرزاق الناس، ولو الرقيب الإعلامي ما فهم هذا الوضع زين فهو يصنع أزمة لا داعي لها مطلقا، ولو حدثت فليتحمل مسؤوليتها ..

 

‏والجلسة النقاشية هذي اللي يحصلها في مكان ما، يدلي بها. لأنه ما فاهم وجه عدم نشرها!

 

 

…….

أتوقع يحدث ما يلي:

‏طاقم الوزارة سوف يغرق بعشرات الطلبات. وبعدين تبدأ الأعذار، وبعدين السالفة كلها تستوي (ضغط ضغط).

‏حفظ الحق العام يستدعي إغلاق أي باب لتصرف منفرد لأي موظف يمارس حكاية (الاتصال الهاتفي)

‏هذا قانون دولة، وحقوق مواطن، موظف على العين والراس، صلاحياتك على العين والراس، التزم بالشفافية والوضوح التام، وتحمل أي رأي موضوعي تبديه، هذي حقوق محمية من النظام الأساسي، لذلك عزيزي الرقيب حاول ما تخلط بين خططك وبين واجبك تجاه الدولة وتجاه حقوق الناس.

‏اللي ما معه مشكلة مع الوضوح والشفافية ما يخشى أي شيء.

 

‏المنطق نفسه ينطبق على الرقيب الإعلامي، خلي شغلك في النور، والوضوح.

‏أما سالفة هذي العمومية، هذا التنصل ما يصلح في شيء في مصدر رزق بشر.

 

‏الموضوع ما لعبة، ولو صار بسبب هذا الاندفاع الرقابي أي سخط، فليتحمل الرقيب الإعلامي مغبّة ما لا يعلم عواقبه، الساحة الرقمية هادئة، ومن سنوات وهي تنتقل من مصدر قلق، ومصدر فوضى ومواجهات إلى حالة مهنية جيدة، لو الرقيب الإعلامي ما أدار صلاحياته بشكل وطني وحقيقي ويضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وتعامل مع الموضوع بتنافسية، وندية!

 

‏العواقب ماذا؟ هذي منطقة أرزاق ناس، أتمنى الرقيب الإعلامي يعي جيدا الحساسية الاقتصادية لأي شيء قبل لا يندفع بشكل غير مدروس لأنه لديه عموميات فلسفية يظن إنه الواقع تلقائيا سوف يتكيف معها.

 

….

شيء مقياس رقمي ظريف جدا، تشوف مؤسسة كاملة، معنية بالإعلام، وتدرس حضورها الرقمي كاملاً بأدوات قياس موجودة، وباشتراكات فوق القيمة العادية!

‏طيب، لو كانت مؤسسة بأكملها، حضورها الرقمي يحسب بكم مؤثر؟ عشرة؟ عشرين؟ ثلاثين؟ مئة؟

 

‏هنا لما مؤسسة تريد تكون مقنعة، وذات مصداقية، وممكن أي شخص يتوقع منها حسن نية في الرقابة على المحتوى!

 

‏لما تشوف مؤسسات حقيقية، حاضرة إعلاميا، متجاوزة الحدود، تضرب في الشرق والغرب، ولديها أذرعة رقمية هائلة الوصول، نعم، سوف تصدق إنه (أهل الخبرة) جايين لرفع مستوى الواقع الرقمي.

 

‏تقدر وزارة الإعلام تسوي دراسة في الموضوع؟ وتكون شفافة مع الناس وأهم شيء في مقياس علاقة الميزانية بالوصول؟ لأنه هذي الأرقام تكشف لك حسن استثمار الموارد المالية للدولة، وهل تذهب في صناعة زخم للسلطنة؟ وإلا فما مهمة الإعلام؟

 

‏فلتكشف وزارة الإعلام هذه الحقائق الرقمية أمام الجميع، ووقتها صناع المحتوى زرافات سينضمون تحت قصة النجاح هذه، فلتظهر وصولها، المحلي، والعالمي.

 

‏ألسنا نتكلم عن مصلحة وطن؟ مصلحة الوطن تقتضي أن كل ريال يدفع في ميزانية وزارة الإعلام يحقق وصولا للسلطنة، ورسالتها، السياسية، والسياحية، والاقتصادية، والثقافية. ولو كانت الموارد التي تصرف لا تحقق الوصول الذي تحققه شركة عادية، أو قناة بسيطة، أو مجموعة قنوات يوتيوب لشركات عالمية رأسمالها لا يساوي حتى معشار الموارد التي تُنفق تشغيليا!

 

‏هنا السؤال! إعلام لا يربح؟ ليس له نموذج تجاري؟ مبني على ماذا؟ هذا الشكل المباشر من التنظير الفلسفي الشاسع! العالم لم يصنع نجاحه الإعلامي بهذه الطريقة المرتجلة، وفوق ذلك! يا سلام! مطاطية في التعريفات.

 

‏لو كان أي شخص يظن إنه بمقدوره أن يفعل ما فعلته بعض النماذج من صناعة جوقة صغيرة من البشر، تحت رعايته، وعنايته، ولهم سقف مختلف عن البقية، ويشكلون النموذج الذي يحقق التنظير الفلسفي الذي لا يُعمم على نطاق واسع!

 

‏الواقع الرقمي لعبة ثانية، موضوع بكل صدق، وبكل ما في قلبي من حب لعمان، أتمنى ألا يُختبر بطريقة غير مدروسة، أو اندفاعية.

 

‏أنا شخصيا ما محتاج أي سقف من الأساس، الناس كلها تمشي في سقف أعلى بكثير عن الذي أكتبه أو أنشره. حتى لو عملت ترخيص، كلامي الذي أكتبه ممكن ينشر في أي جريدة في عمان. من منطلق سنوات طويلة جدا في الإنترنت التي قضيت فيها صوابي وخطئي، أتمنى إنه وزارة الإعلام ما تندفع في خوض معمعة، لا يوجد أي مؤشر منطقي إنه تجربتها بالعمق والاتساع الذي يجعلها قادرة على تحقيق كل ذلك الكلام الإيجابي وجعله واقعا في أي معدل سريع أو قريب.

 

‏ومن الأساس، مقياس الإنفاق والوصول هذا أبسط معيار للحكم على نجاح أشياء كثيرة في الإنفاق الحكومي على الإعلام. والأدوات كثيرة، ووفيرة، لكن ما يستوي أن يكون أداء وزارة الإعلام يقيم من وزارة الإعلام.

 

‏أتمنى فعلا من مجلس الوزراء أن يتدخل مبكراً قبل أن أن يؤدي هذا الاندفاع إلى إثارة عشرات وربما مئات المواقف مع أصحاب المنصات الرقمية.

 

‏قنوات اليوتيوب السياحية؟ ماذا ستفعل بهم؟

‏شاب في مقتبل العمر في الثانوية العامة يصور عن فعاليات الهجن، ستقول له أنت إعلامي؟ وتعال تحت مظلتنا!

 

‏حدث العاقل بما يعقل. لا أجد أي منطق سوى تدخل مجلس الوزراء، ليس في نصوص اللائحة، فهي فعلا بها إيجابيات كثيرة جدا، ولكن في آلية التنفيذ، وطريقته، وجميع المعايير والمقاييس العالمية التي تقيّم نجاح هذه الوزارة الإعلامي أولا.

 

‏العالم الرقمي من الأساس نشأ لأن هذه الوزارة لم تجد استثمار الصناعة الرقمية، غارقة في الجدل وحساسية الصلاحيات والندية والتنافس. تتكلم عن آلاف من البشر، آلاف تحزم عملهم وحياتهم ومشاريعهم في تعريف عجيب غريب (أن يكون لك رأي له علاقة بالرأي العام)!!!!

 

‏تراه مواطن! يعني بيكون له رأي أين؟ في غينيا الاستوائية!

 

‏عموما، متشائم جدا وأسجل موقفي مبدئيا، سأقدم حالي حال غيري للترخيص فقط في المنصات التي سأمارس فيها عملا إعلاميا، ومعي منصة واحدة ينطبق عليها التعريف العلمي للإعلام، وهي منصة اليوتيوب التي بها برامج وهي (ليست منشأة إعلامية خاصّة) .. وإنما قناة يوتيوب.

 

‏ولو بغيت أمارس نشاط إعلامي في تويتر، حقي، وأطلب ترخيص، وليس للرقيب الإعلامي حق في التدخل في أي منطقة شخصية لي، لديه رأي فني تجاه (الجانب الإعلامي فقط)

 

‏وهذا يشمل أي منصة أخرى.

 

‏لكن عاد نبالغ، ونخلي الواتساب، ونخلي كل تلفون أداة، هذا ما اسمه إضافة نافعة، هذا اسمه اندفاع، ولن تكون له عواقب حميدة.

 

‏وأقولها: هذا سوء ظني بالرقيب الإعلامي، ويا رب ويا رب يطلع كل تشاؤمي في غير محله.

 

‏التطبيق العملي هو الذي سيحكم!

 

‏والله يعيننا لو استبلى أي شخص برقيب عنجهي موضوع الصلاحية عنده أولى بكثير من صناعة الأسواق، والزخم الاقتصادي، والحضور الرقمي، والقوة الناعمة! فعلا الله يعين.

 

……

أتمنى فقط التسجيل الكامل للجلسة النقاشية التي تناقش لائحة الإعلام يكون منشوراً بأكمله!

‏سالفة تستفرد بمجموعة منتقاة من الناس هذي ما تدل على سلوك مطمئن!

‏التوجه العام للدولة هو الشفافية.

‏والتصريحات التي قيلت، وأيضا التفسير القانوني هذي كلها مسؤولية للموظف العام أمام الدولة قبل أن تكون المسؤولية التي يتولى أمانتها تجاه أي مواطن.

 

‏أقولها من الآن: أتمنى مجلس الوزراء الموقر عبر أدواته المختلفة يدرس ما دار وما قيل وما نوقش في هذه الجلسة، لأن المؤشرات التي بهذه الجلسة كثيرة.

 

‏هذا موضوع تنفيذي، وإجرائي، ويشمل ناس خارج تلك الجلسة النقاشية، وشوف التغطيات عنها؟

‏كلها تصب في جانب واحد: اللائحة زينة! اللائحة نقلة! اللائحة ممتازة!

‏طيب تفسير وزارة الإعلام لهذه اللائحة هو المهم، وما الذي تنوي فعله!

 

‏لا أرى أي منفعة عامَّة من إخفاء تسجيل تلك الجلسة عن العموم. وأتمنى أن تجد جميع الجهات والأقسام الحكومية التي تشرف على عمل الوزارات في تسجيلها الحقيقي، غير المعدل، ما يحمي حقوق الدولة والقانون، وما يحمي حقوق المواطن.

 

‏الرقيب الإعلامي لازم يفهم شيء مهم: هذي منطقة أرزاق، ما منطقة عموميات فلسفية، ولا منطقة تنظير، هذي منطقة أرزاق.

 

‏ثانيا، بإمكان وزارة الإعلام بسهولة صناعة وصول رقمي ساحق، بدون الصدامية، والانتقاص، والعدوانية، ورفع القضايا، وملاحقة فلان وعلان، والشخصنة ضد فلان وعلان.

‏بإمكان وزارة الإعلام صناعة زخم رقمي سياحي، وثقافي، والأهم اقتصادي فقط لو تعاملت مع الأمر بروح تكاملية بدلا من هذا الخطاب.

 

‏ليست حادثة واحدة التي يعبر فيها مسؤول كبير عن إلغائه للمحيط الرقمي، ولا ننسى طبعا (التغريد للطيور) التعليق الذي لا يوصف بكلمة أقل من (في غير محله).

 

‏وأعلم أن كلامي سيفسر بألف طريقة، لكنني أقولها وأسجل موقفي من هذه اللحظة: في حال سبب الرقيب الإعلامي أي حالة شوشرة، أو هياج في الساحة الرقمية، أو ردات فعل، أو إثارة سخط، أو حاول أن يعمل في الظل، أو حاول أن يتنصل من تدخلاته ويمارس أدوارا إداريةً غير موثقة بالورق، مبنية على التواصل الهاتفي أو اللقاءات غير الموثقة بمحاضر قانونية، فهو يتحمل مسؤولية أي تخريب، أو زعزعة لهدوء رقمي من الأساس أخذ سنوات طويلة لكي يحدث.

 

‏الساحة الرقمية تعيش هدوءاً، ومن الأساس أحد أسباب نشأتها هو غياب وزارة الإعلام كخيار بنّاء.

 

‏كل ثقة أن التوجه العام للدولة يذهب في اتجاه اقتصادي، صانع وموسع للأسواق ودافع لنموها، وكلي شكوك في أنَّ الرقيب الإعلامي نفسه الذي يتدخل الآن في ساحة ضخمة جدا جدا، ويتعامل مع الموضوع حتى الآن بطريقة مقلقة!

 

‏نشر تلك الجلسة النقاشية، بكل التصريحات التي بها هي خطوة أولى تثبت شفافية الوزارة ونيتها الصادقة في إعطاء كل ذي حق حقه. احترام القانون موضوع حضاري، لكن لا يمكن الثقة في هذا العمل في الظل، فليكن كل شيء على الطاولة واضحا.

 

‏ولو كانت بعض المؤسسات تحملت لسنوات حكاية (الاتصال الهاتفي المفاجئ) هذا لا يشمل الأفراد الذين لا يمثلون مؤسسة، هذه منطقة أرزاق، منطقة صانعة للوظائف، وكل من ينظر لها خارج السياق الاقتصادي لها لن يحقق أن منفعة عامة إلا باحترامه لهذا السياق.

 

‏أقصى آمالي الآن، أن الجلسة منشورة في اليوتيوب، وأطلع غلطان لأنني وضعت كلمة مفتاحية خطأ!

 

‏لم أستطع إيجادها في اليوتيوب!

 

‏ومجددا أقول: يا رب يطلع سوء ظني بنوايا الرقيب الإعلامي كله في غير محله، ويطلع فعلا هناك تكامل إعلامي مع المؤسسات التقليدية وصناعة المحتوى الرقمي.

 

‏هذا الموضوع لن تحسمه سوى الجهات القانونية. أما الرأي الإداري، أو حدوث أي شكل من أشكال (الجدعنة) في أرزاق الآخرين، فليتحمل الرقيب الإعلامي جسامة أي تأثير اقتصادي غير نافع، أو ربما ما هو أسوأ، تحريك ساحة هادئة وجرّها إلى منطقة غير محمودة من الأساس أخذت مسارها المهني والمنتج بدون تدخل هذه الوزارة.

 

‏ألا هل بلغت، اللهم اشهد

 

لائحة الإعلام، ممتازة، وفوق الممتازة، وكان فعلا ممكن تكون نقلة كبيرة جدا لولا عدة أشياء:

‏- العمل في الظل: ليش للآن ما حد تحمل مسؤولية عامَّة إنه يشرح آلية عملها؟ هذا المدى الشاسع اللي يبث ضمنيا ليش؟

‏- تعريف واضح للعمل الإعلامي، مع النماذج والأمثلة، سالفة الواتساب يعتبر عمل إعلامي، وسالفة أي واحد ينشر ويكون له علاقة بالتأثير على الرأي العام!

‏السؤال هو، هل هو عمل فيه جمع معلومات؟ وبنموذج إعلامي، ونموذج مستمر، ويحمل صفة مهنية؟ ويحمل صفة مؤسسية؟ وفيه فريق؟ ولا واحد يغطي رابطة تشجيع برشلونة وهم يضربوا عيوش؟

‏- تتكلم عن آلاف مؤلفة من المنصات، واضرب صانع المحتوى الواحد في عدة منصات! الخيار معه يمارس العمل الإعلامي أو لا، في السابق كان شيء تعقيدات، وشيء (منشأة إعلامية خاصة) والآن حلت جميع هذي التعقيدات، ليش الرقيب الإعلامي ما راضي يستهدى بالله ويتخذ مقاربة بناءة بدل نظام التابعين، ونظام الهيمنة، ونظام (ما أريكم إلا ما أرى)؟

‏- موظفي الإعلام ليش للآن كل كلامهم ما فيه أي تفاصيل دقيقة! وبالذات عن آلية التنفيذ، والأهم ثم الأهم: من اللي برغبته يريد يشتغل في العمل الإعلامي؟

‏- الخلط بين تعريف (الوسائط) وتعريف الإعلام هذا خطأ لا يغتفر من أي مختص في الإعلام. وإلا عجب حتى (SMS) اللي يوصل مال (هل علي الحبسي عماني) هذا أيضا يعتبر عمل إعلامي!

 

‏تريد وزارة الإعلام يكون لها دور عظيم، بيدها القدرة على ذلك. معها مقدرات هائلة لو بس عدد قليل من صناع المحتوى معهم فتات منها سوف يصلون بقنوات اليوتيوب في عمان، وبحسابات الانستجرام السياحية إلى أقصى الأقاصي.

 

‏لا أحد يريد لوزارة إعلام بلاده الفشل، ولا أحد يطيق من الأساس يسمع كلمة: Where is Oman؟

 

‏وضع التجربة الرقمية لوزارة الإعلام للنقد العام جزء من حماية مقدرات الدولة، جزء من الرقابة على أموال الدولة، مقياس الوصول مقابل الموارد هذا واحد فقط من المقاييس العلمية الكثيرة. وآخر شيء أتوقعه إنه تصريحات رسمية في لائحة قانونية تترك هكذا!!!! يا سلام!! أين الجلسة النقاشية والتوضيحية؟ هذا حق دولة، وقانون، وحق مواطن، والشفافية هذي وردت في كل خطابات الدولة والحكومة.

 

‏الرقيب الإعلامي نفسه لازم يفهم، هو أيضا عليه رقابة. والتجربة الرقمية لوزارة الإعلام يجب أن تقيّم من خارج وزارة الإعلام. ومنصاتها متاحة وموجودة، يكفيك مركز الأخبار.

 

‏قلت هذا الكلام من قبل، وأقوله مجددا. لا يوجد شيء يمنع الوصول الساحق، والقوة الناعمة، ولا يوجد شيء ينقص عمان، ولا شبابها للانطلاق إلى كل دول العالم، وتقديم هذا الجيل الطامح والمتعطش للنجاح بكل الأدوات الممكنة.

 

‏المانع الوحيد وجود من يؤمن بهم، ويريد لهم الخير، أما وجود نظرية عُصابية، مليئة بالانتقاص، والإلغاء، والتعامل مع العالم بعقدة النقص، والشعور بالفوقية الرقابية هذا لا يصنع لا رقيبا جيدا، ولا إعلاميا جيدا.

 

‏ولو على التعميمات الفلسفية، اندماج دور الرقيب، ودور الإعلامي هي معضلة فلسفية، حلها الوحيد هو جعل الرقابة بيد جهة قانونية، هي تتولى الحسم، جهة أو هيئة، أو أي تنظيم آخر.

 

‏لا أحد يريد لإعلام بلاده الضعف، ولا أحد يريد لأبناء بلاده أن يحيّد عطاءهم تجاه بلادهم من لا يعترف بهم، يجب أن تعترف بمبدعيك، وأن تضع نصب عينيك تسهيل الظروف لهم. هذا كله مترابط، مع عمان بمنهج اقتصادي، وتداخل اجتماعي مع مختلف الدول، وتعريف مستمر، ورسالة لا تتوقف، والمعطيات الهائلة كثيرة، كثير بحجم ثروات عمان الاجتماعية، والسياحية، والتنوع الثقافي الذي بها.

 

‏لو على التنظير الفلسفي المطاطي والشاسع: هذه الأجيال ليست بحاجة لفرصة، ولا لتوجيه، ولا لدعم، بحاجة لمن يؤمن بها، ولمن يؤسس لها الطريق الذي تُصب فيه طاقات رأس المال العام، جيل نشأ، وترعرع على العالم الرقمي!

 

‏يجي الرقيب الإعلامي الآن ويظن إنه سوف يدير دفة هذه الأنهار الهائلة!!!! فليحقق هو أولا الاتساع الرقمي لنفسه، ومن ثم يتحدث عن أي تنظير عمومي فلسفي شاسع!

 

‏للأسف الشديد، أنا أتوقع الأسوأ، وأسأل الله أن يخيب ظني السيء في ما سيفعله الرقيب الإعلامي بساحة رقمية كانت فعلا مرتاحة من عمله في الظل، أو تناقضه، أو روح الانتقاص، والإلغاء، وعدم الفهم، وعدم الإيمان بأجيالٍ لم تعد تتكلم نفس لغتنا.

 

‏أعرف جيدا أن كلامي سيفسر بألف طريقة. لكنني سأقوله، وأسجل ما أظنه صوابا، وأسأل الله أن أكون مخطئا، وأن أرى وزارة الإعلام تنجح في مساعيها.

‏خطوة الشفافية، والتوضيح، وتحديد التعريف القانوني للعمل الإعلامي، ومن ثم استثناء الجهات التطوعية، والسياحية، والخيرية ووضع بند اشتراكات مخفضة لها، وأشياء كثيرة حان لها أن تبدأ.

 

‏هذا وقت عمل اقتصادي، والعموميات الفلسفية شبع منها العالم كلاما وتصريحات. هذا سوق رقمي، ومن لا يعامله كسوق رقمي فكل ما سيفعله هو صناعة تعطيل وخسائر اقتصادية أبدا لا داعي لها!

 

‏ألا هل بلغت؟

‏اللهم اشهد